التي امتدّ إليها الفتح الإسلامي لم يكن لدى الخليفة والوسط الذي يسنده أيّ تصوّر محدّد عن حكمها الشرعي، وعمّا إذا كانت تقسّم بين المقاتلين أم تجعل وقفاً على المسلمين عموماً[1].
فهل يمكننا أن نتصوّر أنّ النبي صلى الله عليه و آله يؤكّد للمسلمين أ نّهم سوف يفتحون أرض كسرى وقيصر ويجعل من جيل المهاجرين والأنصار القيّم على الدعوة والمسؤول عن هذا الفتح ثمّ لا يخبره بالحكم الشرعي الذي يجب أن يطبّق على تلك المساحة الهائلة من الدنيا التي سوف يمتدّ إليها الإسلام؟!
بل إنّنا نلاحظ أكثر من ذلك، أنّ الجيل المعاصر للرسول صلى الله عليه و آله لم يكن يملك تصوّرات واضحة محدّدة حتّى في مجال القضايا الدينيّة التي كان النبي يمارسها مئات المرّات وعلى مرأى ومسمع من الصحابة.
ونذكر على سبيل المثال لذلك الصلاة على الميت؛ فإنّها عبادة كان النبي صلى الله عليه و آله قد مارسها علانية مئات المرّات، وأدّاها في مشهد عام من المشيّعين والمصلّين، وبالرغم من ذلك يبدو أنّ الصحابة كانوا لا يجدون ضرورة لضبط صورة هذه العبادة ما دام النبي صلى الله عليه و آله يؤدّيها وما داموا يتابعون فيها النبي فصلًا بعد فصل، ولهذا وقع الاختلاف بينهم بعد وفاة النبي في عدد التكبيرات في صلاة الميت. فقد أخرج الطحاوي عن إبراهيم قال: قبض رسول اللَّه والناس مختلفون في التكبير على الجنازة لا تشاء أن تسمع رجلًا يقول: سمعت رسول اللَّه يكبّر سبعاً، وآخر يقول: سمعت رسول اللَّه يكبّر خمساً، وآخر يقول: سمعت رسول اللَّه يكبّر أربعاً، فاختلفوا في ذلك حتّى قبض أبو بكر، فلمّا ولي عمر ورأى اختلاف
[1] أحكام القرآن 4: 1778، سورة الحشر