ضمان مستقبل الحكم بحجّة الاحتياط للأمر[1].
وإذا كان الناس قد هرعوا إلى عمر حين ضُرب قائلين: «يا أمير المؤمنين لو عهدت عهداً»[2] خوفاً من الفراغ الذي سوف يخلّفه الخليفة، بالرغم من التركّز السياسي والاجتماعي الذي كانت الدعوة قد بلغته بعد عقد من وفاة الرسول صلى الله عليه و آله.
وإذا كان عمر قد أوصى إلى ستّة[3] تجاوباً مع شعور الآخرين بالخطر.
وإذا كان عمر يدرك بعمق خطورة الموقف في يوم السقيفة وما كان بالإمكان أن تؤدّي إليه خلافة أبي بكر بشكلها المرتجل من مضاعفات؛ إذ يقول:
«إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة غير أنّ اللَّه وقى شرّها»[4].
وإذا كان أبو بكر نفسه يعتذر عن تسرّعه إلى قبول الحكم وتحمّل المسؤولية الكبيرة بأ نّه شعر بخطورة الموقف وضرورة الإقدام السريع على حلٍّ ما؛ إذ يقول- وقد عوتب على السلطة-: «إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قبض والناس حديثو عهد بالجاهلية، فخشيت أن يفتتنوا، وإنّ أصحابي حمّلونيها»[5].
إذا كان كلّ ذلك صحيحاً، فمن البديهي إذن أن يكون رائد الدعوة ونبيّها أكثر شعوراً بخطر السلبيّة، وأكبر إدراكاً وأعمق فهماً لطبيعة الموقف ومتطلّبات العمل التغييري الذي يمارسه في امّة حديثة عهد بالجاهلية على حدّ تعبير أبي بكر.
الأمر الثاني: الذي يمكن أن يفسّر سلبيّة القائد تجاه مستقبل الدعوة
[1] تاريخ الطبري 3: 428، مختصر تاريخ ابن عساكر 18: 308 و 309
[2] تاريخ الطبري 4: 228
[3] تاريخ الطبري 4: 228
[4] تاريخ الطبري 3: 205
[5] شرح نهج البلاغة( لابن أبي الحديد) 2: 42