والذي دعا- في ما أظنّ- كثيراً من هؤلاء الباحثين إلى هذا الافتراض والاعتقاد بأنّ التشيّع ظاهرة طارئة في المجتمع الإسلامي هو أنّ الشيعة لم يكونوا يمثّلون في صدر الإسلام إلّاجزءاً ضئيلًا من مجموع الامّة الإسلاميّة.
فقد أوحت هذه الحقيقة شعوراً بأنّ اللاتشيّع كان هو القاعدة في المجتمع الإسلامي، وأنّ التشيّع هو الاستثناء والظاهرة الطارئة التي يجب اكتشاف أسبابها من خلال تطوّرات المعارضة للوضع السائد.
ولكن اتّخاذ الكثرة العدديّة والضآلة النسبيّة أساساً لتمييز القاعدة والاستثناء أو الأصل والانشقاق ليس شيئاً منطقياً؛ فمن الخطأ إعطاء الإسلام اللاشيعي صفة الأصالة على أساس الكثرة العدديّة، وإعطاء الإسلام الشيعي صفة الظاهرة الطارئة ومفهوم الانشقاق على أساس القلّة العدديّة، فإنّ هذا لا يتّفق مع طبيعة الانقسامات العقائدية؛ إذ كثيراً ما نلاحظ انقساماً عقائدياً في إطار رسالة واحدة يقوم على أساس الاختلاف في تحديد بعض معالم تلك الرسالة، وقد لا يكون القسمان العقائديان متكافئين من الناحية العدديّة، ولكنّهما متكافئان في أصالتهما ومعبّران بدرجة واحدة