وأمّا في القسم الثاني- وهو فرض انحصار الماء بالمضاف- فتارةً نفرض كون المكلّف واجداً للتراب أيضاً، واخرى يفرض عدم كونه واجداً له.
فإن فرض الأوّل تشكّل علم إجماليّ بوجوب الوضوء بالمضاف أو التيمّم، وهو منجّز، فمقتضى الأصل أ نّه يجب عليه الجمع بينهما.
ويمكن دعوى انحلال العلم الإجماليّ بوجهين:
الأوّل: أنّ تنجيز هذا العلم الإجماليّ فرع تعارض الأصلين في طرفيه، مع أنّ أصالة البراءة عن وجوب الوضوء حاكمة على أصالة البراءة عن وجوب التيمّم؛ لكونها منقِّحةً لموضوعه، حيث إنّ التيمّم وظيفةُ من لا يكون الوضوء وظيفةً له فلا يتعارض الأصلان، بل تجري البراءة عن الوضوء ويتعيّن التيمّم.
وهذا الوجه مدفوع:
أوّلًا: بأنّ وجوب التيمّم مترتّب على عدم وجدان الماء، لا على عدم وجوب الوضوء، فلا يتنقّح موضوعه بالأصل النافي في طرف الوضوء، بل يتعارض الأصلان.
وثانياً: بأ نّا لو سلّمنا كون موضوع وجوب التيمّم عدم وجوب الوضوء فمع هذا لا تكفي أصالة البراءة عن وجوب الوضوء لتنقيح موضوع وجوب التيمّم؛ لأنّ موضوعه إنّما هو عدم الوجوب واقعاً، لا عدم الوجوب ولو ظاهراً، والعدم الواقعيّ للوجوب لا يمكن أن يثبت- ولو تعبّداً- بأصل البراءة، بناءً على كونه من الاصول غير التنزيلية. نعم، لو بني على كونه أصلًا تنزيليّاً مثبتاً للواقع تعبّداً، أو ابدل بأصلٍ تنزيليٍّ من هذا القبيل- كالاستصحاب- فلا بأس.
الثاني: أنّ تنجيز العلم الإجماليّ فرع عدم إمكان إثبات طرفٍ معيّنٍ من طرفيه بمنجّزٍ تعيينيٍّ وأصلٍ مثبت، وإلّا انحلّ العلم الإجماليّ بجريان الأصل المثبت في أحد طرفيه، والنافي في الطرف الآخر. وفي المقام يتمسّك بأصالة