المعروف في قاعدة الطهارة، وإمّا أن يبنى على الاختصاص بالشبهة الموضوعية:
فإن بني على الاختصاص بالشبهة الموضوعية أمكن الاستدلال بروايات هذه القاعدة على الطهارة الواقعية الذاتية لطبيعيّ الماء مطلقاً.
وأمّا إذا بني على عدم الاختصاص- كما هو المعروف- وكون محصّل الروايات أنّ كلّ ما لا يعلم بكونه قذراً من الماء فهو طاهر- سواء شكّ فيه بنحو الشبهة الموضوعية، أو بنحو الشبهة الحكمية- فلا يمكن الاستدلال بروايات القاعدة حينئذٍ على الطهارة الذاتية واقعاً لمطلق الماء، ولا تكون دالةً على ذلك بالالتزام، لأنّ جعل قاعدة الطهارة على الماء المشكوك بهذا المعنى يلائم مع فرض انقسام طبيعيّ الماء واقعاً إلى قسمين: أحدهما نجس، والآخر طاهر، إذ يكفي ذلك في تعقّل جعل قاعدة الطهارة، ولا يتوقّف جعلها على أن تكون تمام أقسام المياه محكومةً بالطهارة الذاتية واقعاً. فلا تحقّق هذه الطائفة الدليل المطلق المطلوب، وإنّما تثبت طهارة الماء بنحو القضية المهملة التي تتكفّل الضرورة إثباتها.
ومنها: ما ذكره السيّد الاستاذ[1] وغيره من الروايات الدالّة على مطهّرية الماء[2]، فإنّها تدلّ على طهارة الماء في نفسه، إذ لا يمكن تطهير المتنجّس بالنجس.
والتحقيق في حال هذه الطائفة: أنّ الدليل المتكفّل- مثلًا- للأمر بالغسل بالماء مدلوله المطابقيّ هو مطهّرية الماء، وهذا المدلول المطابقيّ مقيّد بدليلٍ لبِّيٍّ كالإجماع، أو بالأدلّة اللفظية بغير الماء النجس؛ لأنّ الماء النجس لا يصح
[1] التنقيح 1: 26
[2] انظر وسائل الشيعة 1: 133، الباب 1 من أبواب الماء المطلق