أو هذا؟

والمتيقّن من جريان أصالة الجهة إنّما هو جريانها في الفرض الأوّل، وأمّا جريانها في الفرض الثاني بنحوٍ تقتضي تعيين المراد الاستعمالي فهو غير معلوم.

وعلى هذا الأساس نرى‏ أنّ المحقّق الخراساني‏[1]، والسيّد الاستاذ[2]، وغيرهما[3] من الأعلام يلتزمون في العامّ المخصّص بأنّ العامّ مستعمل في العموم- مع العلم بعدم جدّية العموم- عملًا بظاهر اللفظ، ولا يرون أصالة الجهة مقتضيةً لإثبات أنّ العامّ مستعمل في غير العموم تحفّظاً على الجدّية. وليس ذلك إلّالأنّ أصالة الجهة لا تعيّن- عندهم- المراد الاستعمالي عند تردّده بين ما هو جدّي وغير جِدّي، وإنّما تعيّن جدّية المراد الاستعماليّ عند الشكّ في جدّيّته وعدم جدّيته.

وإذا لم تكن أصالة الجهة جاريةً في دليل «أكرم زيداً» لتعيين ما هو المراد الاستعماليّ من زيدٍ فيبقى قائماً احتمالُ أن يكون المراد بزيدٍ: زيدَ بن خالد، الذي علمنا من الدليل الآخر أ نّه غير مطلوب الإكرام. وغاية ما يلزم من ذلك أن لا يكون دليل «أكرم زيداً» بداعي الجدّ، ولا بأس بذلك بعد فرض سقوط أصالة الجهة في أمثال المقام.

فإن قيل: ما هو الفرق إذن بين صورة تكفّل الدليل المجمل لأحد الأمرين بالخصوص، وصورة تكفّله للجامع؟ حيث قلتم في هذه الصورة بإمكان تعيين الجامع في أحد فرديه بضمّ الدليل الخارجيّ الدالّ على نفي الفرد الآخر.

 

[1] كفاية الاصول: 255- 256

[2] محاضرات في اصول الفقه 5: 172

[3] كالسيّد الحكيم في حقائق الاصول 1: 490