والتحقيق: أنّ رواية حريز لا يخلو سندها من إشكال؛ وذلك لأنّها بطريق الشيخ وإن كانت صحيحةً- لأنّها تصل بسندٍ معتبرٍ إلى حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام[1]– ولكنّها في طريق الكلينيّ تصل إلى حمّاد بن عيسى، عن حريز، عمّن أخبره عن أبي عبد اللَّه عليه السلام[2].
فإن احتملنا أنّ هناك روايتين بنفس المتن سمع حريز إحداهما من الإمام، وسمع الاخرى من شخصٍ عن الإمام، وقد اقتصر الشيخ على نقل الاولى، والكليني على نقل الثانية فلا بأس بالبناء على الرواية حينئذٍ؛ لأنّها تامّة السند.
وأمّا إذا حصل الاطمئنان بوحدة الرواية بلحاظ أنّ متن الرواية واحد، والإمام المنقول عنه واحد، والراوي عن الراوي واحد- وهو حماد بن عيسى، عن حريز- وعدم تعرّض كلٍّ من الشيخ والكلينيّ إلّاإلى روايةٍ واحدةٍ. فعلى هذا تسقط الرواية عن الحجّية، إذ لا يمكن حينئذٍ أن نحرز أنّ حريزاً نقل الرواية استناداً إلى السماع من الإمام، كما هو ظاهر نقل الشيخ، إذ لعلّه نقلها بتوسّط واسطةٍ مجهولة، كما هو مقتضى نقل الكلينيّ الأكثر ضبطاً.
ويمكن استبدال رواية حريزٍ برواياتٍ اخرى، من قبيل النبويّ «خلق اللَّه الماء طهوراً لا ينجّسه شيء، إلّاما غيَّر لونه أو طعمه أو ريحه»[3].
ورواية سماعة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يمرّ بالماء وفيه دابّة ميتة قد انتنت، قال: «إذا كان النتن الغالب على الماء فلا تتوضّأ ولا تشرب»[4].
[1] تهذيب الأحكام 1: 216، الحديث 625
[2] الكافي 3: 4، الحديث 3
[3] وسائل الشيعة 1: 135، الباب 1 من أبواب الماء المطلق، الحديث 9
[4] وسائل الشيعة 1: 139: الباب 3 من أبواب الماء المطلق، الحديث 6