نشير إلى هذا المائع الفعليّ ونقول: إنّه كان مطلقاً فنستصحب إطلاقه؛ لأنّنا نحتمل أن يكون الحليب جزءاً من المشار إليه، ومن المعلوم أنّ الحليب لم يكن مطلقاً سابقاً ليستصحب إطلاقه، فالمائع المتحصّل بعد المزج ليس له حالة إطلاقٍ محرزة سابقاً ليجري استصحابها.
نعم، يمكننا أن نشير إلى ذات الماء السابق المحفوظ فعلًا في المائع بعد المزج، فنقول: إنّ هذا كان مطلقاً سابقاً، ولا ندري هل خرج من الإطلاق أو لا؟
لأنّ الحليب إن كان بقدرٍ مستهلكٍ فهو باقٍ على الإطلاق، وإن كان بقدرٍ لا يستهلك ولا يهلك فهو خارج عن الإطلاق، ولكن لا ينفعنا إجراء الاستصحاب لإثبات إطلاقه؛ لأنّ ذلك لا يثبت إطلاق المائع المتحصّل فعلًا بعد المزج لكي نرتّب عليه آثار المطلق، إلّابناءً على الأصل المثبت؛ لأنّ بقاء ذلك الماء على إطلاقه يستلزم استهلاك الحليب المساوق لفرض كون المائع الفعليّ بتمامه ماءً مطلقاً.
فاتّضح: أنّ ما نريد إثبات الإطلاق له وترتيب أحكام المطلق عليه- وهو المائع الفعلي المتحصّل بعد المزج- ليس الإطلاق حالةً سابقةً محرزةً له؛ لاحتمال أن يكون الحليب جزءاً منه؛ وذلك على فرض عدم الاستهلاك، والحليب لم يكن مطلقاً سابقاً، وما يكون الإطلاق حالةً سابقةً محرزةً له لا ينفع استصحاب إطلاقه في ترتيب أحكام المطلق على المائع الموجود فعلًا إلّابالملازمة العقلية.
وعليه فينبغي أن يفصَّل في إثبات إطلاق المائع المشكوك بالاستصحاب:
بين ما إذا كان الشكّ ناشئاً من احتمال وجود ما يوجب خروجه عن الإطلاق بالخاصّية، وما إذا كان الشكّ ناشئاً من احتمال وجود ما يوجب خروجه عن الإطلاق بالكمّية، فالاستصحاب يجري في الأوّل دون الثاني.
الصورة الثانية: أن تكون الحالة السابقة هي الإضافة، فيجري استصحابها