وعلى هذا الأساس نقول: إنّ الشكّ في صيرورة الماء المطلق مضافاً: إن كان لاحتمال طروء ما يكون موجباً لذلك بالخاصّية فأركان الاستصحاب تامّة، إذ يمكن أن نشير إلى نفس الماء الفعليّ ونقول: «هذا كان مطلقاً، ونشكّ في بقائه على الإطلاق، فنستصحب إطلاقه».
وأمّا إذا كان الشكّ في صيرورة الماء المطلق مضافاً؛ لاحتمال طروء مايكون موجباً لذلك بالكمّية ففي جريان الاستصحاب إشكال؛ وذلك لأنّنا حينما نلقي كمّيةً من الحليب في الماء فلا يخلو من أحد فروضٍ ثلاثة:
إمّا أن يكون الحليب قليلًا بنحوٍ يستهلك في الماء وينعدم عرفاً.
وإمّا أن يكون كثيراً جدّاً بحيث يستهلك الماء فيه، فيكون المتحصّل بعد المزج حليباً كلّه.
وإمّا أن يكون حالةً متوسّطةً فلا يستهلك كلّ منهما في الآخر. وهذا يعني تكوّن مائعٍ ثالث، لا هو ماء مطلق محضاً، ولا هو حليب محضاً، بل هو مزيج من الماء والحليب.
فالمائع الذي يتحصّل بعد مزج الماء بالحليب هو ماء مطلق في الفرض الأوّل، وحليب مطلق في الفرض الثاني، وماء غير مطلقٍ في الفرض الثالث؛ لأنّ المفروض أنّ الحليب لم يستهلك، ومع كونه موجوداً بالفعل ضمن المائع لا يكون المائع متمحّضاً في المائية، فلا يكون ماءً بقولٍ مطلق.
وفي هذا الضوء نعرف أنّ الشكّ في خروج الماء عن الإطلاق عند إضافة كمّيةٍ من الحليب إليه إنّما يعقل فيما إذا لم نقطع باستهلاك الحليب في الماء، وأمّا مع القطع بذلك فلا شكّ في بقاء الإطلاق.
وهكذا يكون الشكّ في الإطلاق مساوياً لاحتمال أن يكون المائع الفعليّ بعد المزج مشتملًا على حليبٍ له وجود عرفيّ غير مستهلك، وعليه فلا يمكن أن