فإنّنا إذا بنينا- مثلًا- على أنّ أخبار السؤر تدلّ على انفعال السؤر مطلقاً- قليلًا كان أو كثيراً- بملاقاة النجاسة- كما ذكر السيّد الاستاذ[1] في مسألة انفعال المضاف- غاية الأمر أنّ المطلق الكثير خرج بمخصّصٍ منفصلٍ وهو أدلّة اعتصام الكرّ فيكون المقام من موارد المخصّص المنفصل الدائر أمره بين الأقلّ والأكثر مفهوماً، حيث إنّ الخارج بالتخصيص هو الماء المطلق الكرّ ولمّا كان المطلق مردّداً مفهوماً بين ما يشمل المائع المشكوك في مفروض المسألة وما لا يشمله فيتمسّك بإطلاق أدلّة الانفعال؛ لإثبات أنّ هذا المائع المشكوك ينفعل بملاقاة النجاسة؛ لأنّ احتمال عدم انفعاله يرجع إلى احتمال تخصيصٍ زائدٍ على المقدار المتيقّن خروجه بالتخصيص من دليل الانفعال، فلا مجال إذن على هذا الأساس للرجوع إلى أصالة الطهارة.
بقي الكلام في أثرٍ آخر- أشرنا إليه سابقاً- من آثار الإطلاق، وهو: أ نّه لوتنجّس لطهر بالاتّصال بالمعتصم. فلو فرضنا أنّ هذا المشكوك الإطلاق بنحو الشبهة المفهومية تنجّس ثمّ اتّصل بالمعتصم على نحوٍ بقي الشكّ في إطلاقه على حاله فتحقيق الحال فيه: أنّ دليل نجاسة المائع- ماءً أو غيره- بالملاقاة: إن فرض فيه إطلاق يقتضي ثبوت النجاسة حتّى لِمَا بعد الاتّصال بالمعتصم، وإنّما خرجنا عن هذا الإطلاق في الماء المطلق لدليلٍ منفصلٍ دالٍّ على المطهّرية بالاتّصال، كرواية ابن بزيع[2]– مثلًا- فيكون المقام من موارد المخصّص المنفصل المردّد بين الأقلّ والأكثر مفهوماً، فيتمسّك في الزائد بالعامّ، فنحكم ببقاء النجاسة
[1] التنقيح 1: 51
[2] وسائل الشيعة 1: 141، الباب 3 من أبواب الماء المطلق، الحديث 12 و 172، الباب 14، الحديث 6 و 7