تحوّله إلى رمادٍ- بدعوى: أنّ نفس الموضوع للنجاسة محفوظ فتكون النجاسة باقيةً تمسّكاً بإطلاق دليلها، أو بالاستصحاب- لا يمكننا أن نلتزم بذلك في البخار الحاصل من المائع المتنجّس، لا بدعوى أنّ إطلاق دليل نجاسة المائع المتنجّس يشمل حالة كونه بخاراً أيضاً، كما يفترض شمول إطلاق دليل نجاسة الخشب المتنجّس لحالة كونه رماداً، ولا بدعوى استصحاب النجاسة الثابتة قبل تحوّل المائع إلى بخار.
أمّا الدعوى الاولى فيدفعها: أنّ دليل نجاسة المائع المتنجّس إنّما هو دليل الانفعال بالملاقاة، وهو منزَّل على الارتكاز العرفي، وحيث إنّ البخار لا يقبل الحكم عليه بالنجاسة والقذارة بحسب الارتكاز العرفي، فلا يكون لدليل الانفعال إطلاق ليشمل البخار، وإلَّا للزم التمسك بإطلاقه، لإثبات أنّ البخار يتنجّس ابتداءً، عند ملاقاة النجاسة له بما هو بخار.
وهذا بخلاف الخشب المتنجّس المستحيل رماداً، إذ قد يتوهّم هناك- بعد فرض أنّ الرماد في نفسه قابل للنجاسة- وجود إطلاقٍ في دليل الانفعال بالملاقاة يشمل الخشب بعد صيرورته رماداً؛ لانحفاظ الموضوع، وهو عنوان الجسم مثلًا.
وأمّا الدعوى الثانية فيرد عليها: أنّ معنى عدم قابلية البخار- بما هو غاز- للحكم بالنجاسة بحسب الارتكاز العرفيّ أنّ الحالة المقابلة للبخارية والغازية دخيلة في موضوع الحكم بالنجاسة بحسب الارتكاز العرفي، ومقوّمة له، فمع زوالها لا يكون الموضوع العرفيّ محرزاً بقاءً ليجري الاستصحاب.
وهكذا اتّضح أنّ المتعيّن هو الالتزام بعدم نجاسة البخار، وأنّ هذا ليس متوقّفاً على قبول كبرى المطهّرية في الاستحالة في باب المتنجّسات وإن كنّا نقبل تلك الكبرى أيضاً، على ما يأتي في محلّه إن شاء اللَّه تعالى.
وأمّا الجهة الثانية: وهي في حكم البخار الحاصل من الماء المتنجّس بعد