ولكنّنا نستشكل في نفس تنجّس الجزء الأوّل؛ وذلك لأنّ الجزء الأوّل له سطحان: أحدهما ملاقٍ للنجس، والآخر ملاقٍ للجزء الآخر من الماء. فإذا أردنا أن نقتصر على التطبيق الدقيق لدليل الانفعال بالملاقاة دون إدخال أيّ توسعةٍ عرفيةٍ فلا بدّ أن نلتزم أنّ الملاقي للنجس إنّما هو أحد السطحين للجزء الأوّل، فتختصّ النجاسة به ولا تسري إلى السطح الآخر، ومع عدم تنجّس السطح الآخر فلا موجب لسراية النجاسة من الجزء الأوّل إلى الجزء الثاني.
وهكذا يبدو أنّ التطبيق الدقيق لدليل الانفعال بالملاقاة لا يمكن أن يفسّر سراية النجاسة إلى السطح الآخر من الجزء الأوّل، فضلًا عن سائر الأجزاء.
وأمّا إذا اريد إعمال العناية العرفية وتبرير نجاسة السطح الآخر من الجزء الأوّل بدعوى: أنّ العرف يرى الجزء الأوّل بتمام سطوحه مصداقاً لعنوان الملاقي للنجس فيحكم بنجاسته فلتعمل هذه العناية العرفية بالنسبة إلى مجموع المائع ابتداءً، ويقال: إنّه بتمامه مصداق لعنوان الملاقي للنجس، وفرد واحد من موضوع دليل الانفعال، فيحكم بنجاسة تمام أجزائه في عرضٍ واحدٍ بسبب الملاقاة للنجس، بلا حاجةٍ إلى تفسير السراية على أساس انفعال الجزء الثاني بالجزء الأوّل والثالث بالثاني، وهكذا …
الاعتراض الثاني: أ نّا لو قطعنا النظر عن الاعتراض السابق وفرضنا عدم التمييز بين سطحي الجزء الأوّل، وأنّ نجاسة السطح الملاقي منه للنجاسة مساوقة لنجاسة الجزء الأوّل بتمام سطوحه نقول: إنّ هذا المبنى يتوقف على القول بالجزء الذي لا يتجزّأ، فإنّه حينئذٍ يمكن أن يدّعى أنّ المقدار الذي يتنجّس مباشرةً بملاقاة النجس هو الجزء الذي لا يتجزّأ من الماء، ثمّ تسري النجاسة منه إلى الجزء المجاور له، وهكذا …
وأمّا بناءً على استحالة الجزء الذي لا يتجزّأ، وقابلية كلّ ما يفرض جزءا