ملاقاة النجس لشيءٍ منه.
وقد يجاب على ذلك بعدّة وجوه:
الوجه الأوّل: أنّ دليل الانفعال العامّ لا يقتضي في المرتبة الاولى إلّاانفعال الجزء الملاقي من المائع للنجس، إلّاأنّ أجزاء المائع لمّا كانت تتحرّك وتنفذ فبتحرّك الجزء الملاقي ونفوذه ينجّس سائر الأجزاء.
ويرد على هذا الوجه- بقطع النظر عمّا سوف يأتي-: أنّ لازم تفسير السراية على هذا الأساس احتياج استيعاب الانفعال لتمام المائع إلى مرور برهةٍ من الزمن، مع أنّ السراية المدّعاة لا تتوقّف على ذلك.
الوجه الثاني: أنّ دليل الانفعال العامّ لا يقتضي في المرتبة الاولى إلّاانفعال الجزء الملاقي من المائع للنجس، غير أنّ هذا الجزء يُنَجِّس بدوره الجزء الثاني؛ لحصول الملاقاة بينهما في الآن الأوّل، ويتنجّس الثالث بالثاني، وهكذا تحصل نجاسات مترتّبة، ولكن ترتّباً رتبياً لا زمانياً؛ لأنّ الملاقاة بين الأجزاء كلّها حاصلة في الآن الأوّل، فلا حاجة إلى نفوذٍ وتحرّكٍ ومرور زمان.
وقد اعترض في كلمات المحقّق الهمداني قدس سره[1] وغيره[2] على هذا التفسير للسراية، وذهبوا إلى أنّ المائع عند ملاقاة النجس لجزءٍ منه يتنجّس كلّه في عرضٍ واحد. ويتحصّل من كلماتهم توجيه اعتراضين إلى التفسير المذكور للسراية:
الاعتراض الأوّل: أنّ صاحب هذا المبنى يفترض أنّ الجزء الأوّل من المائع الملاقي للنجس يتنجّس بملاقاة النجس، ثمّ يتنجّس الجزء الثاني بملاقاة الجزء الأوّل، وهكذا.
[1] مصباح الفقيه 1: 92
[2] راجع جواهر الكلام 1: 286- 287