نعم، إذا كان جارياً من العالي إلى السافل ولاقى سافله النجاسة لا ينجس العالي منه (1)، كما إذا صبّ الجلّاب من إبريقٍ على يد كافرٍ فلا ينجس ما في الإبريق، وإن كان متصلًا بما في يده.
–
(1) توضيح الحال في ذلك: أنّ عدم سراية النجاسة من السافل إلى العالي هو المشهور في الماء المضاف، مع نقل الخلاف عن بعضٍ[1]. كما أ نّه هو المشهور في الماء المطلق بنحوٍ لم ينقل الخلاف فيه.
ولا بدّ قبل تحقيق هذه المسألة من توضيح مدرك سراية النجاسة في المائع الساكن إلى تمام أجزائه بمجرّد ملاقاة النجس لجزءٍ منه؛ لكي يرى أنّ ما هو مدرك السراية في المائع الساكن هل يشمل الماء الجاري ويقتضي سراية النجاسة إلى جزئه العالي بملاقاة النجس لجزئه السافل؟ فالكلام إذن يقع في مقامين:
المقام الأوّل: في توضيح مدرك سراية النجاسة في المائع الساكن إلى تمام أجزائه، على عكس الجامد الذي لا ينفعل بالملاقاة إلّاموضع الملاقاة منه.
فقد يقال في بادئ الأمر: إنّ دليل الانفعال بالملاقاة واحد، وهو يشمل المائع والجامد على السواء، فكيف اقتضى في المائع انفعال تمام أجزائه بملاقاة النجس لجزئه، واقتضى في الجامد انفعال موضع الملاقاة منه خاصّة؟
فإن كان عنوان الملاقي المحكوم بالانفعال في هذا الدليل ينطبق على الجزء خاصّةً فلماذا تسري النجاسة إلى باقي الأجزاء في المائع؟
وإن كان ينطبق على الكلِّ لزم سريان الانفعال إلى تمام الجامد أيضاً عند
[1] كالسيّد المجاهد في المناهل كما حكاه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة 1: 301 والسيّد الحكيم في مستمسك العروة الوثقى 1: 115