فلم يبقَ دم يُبتلى بمحذور شربه.
فالرواية إذن أجنبية عن جعل المطهّرية للنار، وإنّما هي بصدد دفع المحذور النفسيّ في شرب الدم بوصفه محرّماً في نفسه، فتكون الرواية دليلًا على عدم انفعال الماء المضاف بملاقاة عين النجس، إذ لو كان ينفعل لتنجّس ما في القدر، ولحرم التناول منه، لا من أجل محذور شرب الدم، بل من أجل محذور أكل النجس.
ولكنّ الصحيح مع هذا: عدم إمكان الاستدلال بهذه الرواية؛ لأنّ الرواية حكمت بجواز الأكل من الجزور- أي من اللحم- ولم تقتصر على تجويز شرب المرق فحسب. وعليه فإذا حملنا الدم فيها على الدم النجس فلا بدّ من الالتزام بأحد أمرين:
إمّا أنّ الأوقية من الدم لم تصل إلى الجزور أصلًا، بحيث إنّها استهلكت قبل أن يصل شيء منها إلى الجزور.
وإمّا أنّ الجزور لا يتنجّس بملاقاة الدم أيضاً.
وكلا الأمرين غريب!
أمّا الأوّل فلأنّ من البعيد جدّاً أن يستهلك الدم كلّه دون أن يلاقي مع الجزور.
وأمّا الثاني فلأنّ الكلام إنّما هو في انفعال المضاف وعدم انفعاله بعد الفراغ عن انفعال غيره من الأجسام، ويتعيّن على هذا الأساس رفع اليد عن الأمر الأوّل الذي بنينا عليه الاستدلال بالرواية، وحمل الدم فيها على الدم الطاهر الذي ينحصر محذوره في شربه، وهو محذور يرتفع بسبب أكل النار للدم.
ومن ذلك: رواية عليّ بن جعفر، عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن قِدْرٍ فيها ألف رطل ماء يطبخ فيها لحم وقع فيها أوقية من دمٍ هل يصلح أكله؟ فقال: «إذا