الكلام في ما قد يقدم بوصفه معارضاً لدليل الانفعال من الروايات التي قد يستدلّ بها على عدم الانفعال:
فمن ذلك: رواية سعيد الأعرج، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قِدْرٍ فيهاجزور وقع فيها قَدَر اوقيةٍ من دمٍ أيؤكل؟ قال: «نعم، فإنّ النار تأكل الدم»[1].
ويتوقّف الاستدلال بهذه الرواية على أمرين:
الأوّل: دعوى أنّ الدم منصرف إلى الدم النجس، إذ لو كان مطلقاً وشاملًا للطاهر فيكون ما دلّ على انفعال المضاف بملاقاة النجس- الدم وغيره- أخصّ مطلقاً من هذه الرواية، فيقيّدها بخصوص الدم الطاهر، بخلاف ما لو ادّعي انصراف الدم فيها إلى النجس.
الثاني: دعوى أنّ قوله في مقام تعليل جواز الأكل: «فإنّ النار تأكل الدم» ليس المراد منه بيان مطهّرية النار، وإلّا لم تكن الرواية دالّةً على عدم الانفعال، وإنّما تدلّ حينئذٍ على أنّ المضاف ينجس، وأنّ النار تطهّره، فلا بدّ من دفع احتمال أنّ الرواية بصدد بيان مطهّرية النار.
وذلك بتقريب: أنّ مطهّرية النار لا يناسبها التعليل بأنّ النار تأكل الدم؛ لأنّ الدم لو كان منجّساً للمرق لَما أفاد أكل النار وإفناؤها له في رفع النجاسة الواقعة بسببه؛ لوضوح أنّ النجس اذا نجّس شيئاً بالملاقاة فلا يرتفع أثره بمجرّد إعدام ذلك النجس.
فهذا التعليل لا يناسب المطهّرية بهذه القرينة، وإنّما يناسب بيان أنّ المكلّف لا يُبتلى إذا تناول من المرق بشرب الدم المحرّم شربه؛ لأنّ الدم قد أكلته النار،
[1] وسائل الشيعة 24: 197، الباب 44 من أبواب الأطعمة المحرّمة، الحديث 2