فقال: «لا تشرب منه» إنّما يمكن التمسّك بإطلاقه لإثبات انفعال المضاف الكثير، إذا لم نستظهر، أو نحتمل استظهار الاحتمال الأوّل من الاحتمالات الثلاثة المتقدّمة.
توضيح ذلك: أنّ نظر السائل في هذه الرواية إذا استظهرنا أ نّه متّجه إلىحيثية أنّ اليهوديّ نجس أوْ لا، مع الفراغ عن أنّ السؤر بحدّ ذاته ممّا ينفعل بملاقاة النجاسة فيكون المدلول العرفيّ للسؤال هو: أنّ اليهوديّ نجس أوْ لا؟
ويكون الجواب في مقام بيان نجاسته، ولا يكون في مقام بيان أنّ السؤر متى ينفعل بملاقاة النجاسة ليتمسّك بإطلاقه من هذه الناحية لإثبات انفعال المضاف الكثير؟
فالسؤال عن نجاسة اليهوديّ كما قد يكون بلسان أنّ اليهوديّ نجس أوْ لا، يكون بلسان أنّ سؤر اليهوديّ ما هو حكمه.
وكما لا يكون للجواب على اللسان الأوّل نظر إلى أنّ المضاف الكثير ينفعل بملاقاة النجاسة كذلك لا يكون للجواب على اللسان الثاني نظر إلى ذلك؛ لأنّ اللسانين اسلوبان في الاستفهام عن مطلبٍ واحد.
نعم، لو قلنا: إنّ نظر السائل إلى حيثية كون السؤر معتصماً أوْ لا، أو أنّ نظره شامل لهذه الحيثية على الأقلّ فيكون الجواب في مقام البيان من ناحية نفي الاعتصام أيضاً، فيتمسّك بإطلاقه لإثبات عدم اعتصام المضاف الكثير أيضاً.
ولكن لا ينبغي الإشكال في أنّ الظاهر من الرواية هو الاحتمال الأوّل؛ لأنّ المناط الذي ذكرناه لاستظهار الاحتمال الأوّل موجود في المقام، وهو: أنّ احتمال كون السؤر معتصماً في نفسه ليس احتمالًا عرفياً، فإنّ الطعام والشراب الذي يساوره اليهوديّ حاله- بحسب الارتكاز العرفيّ- حال سائر الأجسام في قابلية الانفعال.