ولا بدّ في تحقيق الحال في ذلك من الالتفات إلى الفرع الثالث، فإن لم يكن قد تمّ فيه دليل على انفعال المضاف القليل بملاقاة المتنجّس فلا دليل في المقام أيضاً. وإن تمّ في الفرع السابق أحد الوجهين المتقدّمين فلا بدّ من ملاحظة مدى شمولهما للمضاف الكثير.
أمّا الوجه الأوّل- وهو أخبار سؤر الكتابيّ، بناءً على الاحتمال الثالث المتقدم فيها- فقد يقال: إنّها إذا تمّت دلالتها على انفعال المضاف بملاقاة المتنجّس فلا يفرق في ذلك بين القليل منه والكثير؛ لصدق عنوان السؤر على كلٍّ منهما، وستأتي تتمّة تحقيقٍ لذلك.
وأمّا الوجه الثاني- وهو رواية الدَنّ- فقد يدّعى الإطلاق فيها للمضاف الكثير، على أساس أنّ الدَنَّ من الظروف الكبيرة، وفرض سعته للكرِّ فرض اعتياديّ يشمله الإطلاق.
ولكن هنا نكتة في خصوص رواية الدَنّ توجب الإشكال في الاستدلال بهذا الإطلاق على انفعال المضاف الكثير بالملاقاة، وهي: أنّ الرواية لو كانت تفرض دَنّاً مليئاً بالمضاف ثمّ تقع فيه النجاسة أو المتنجّس لأمكن الالتزام بإطلاقها لإثبات أنّ المضاف الكثير ينفعل أيضاً، ولكنّ الرواية تفرض دَنّاً متنجّساً بالخمر ويوضع فيه المائع المضاف.
ومن المعلوم أنّ المائع المضاف حينما يوضع في الدَنّ المتنجّس بسببٍ سابقٍ يكون حين صبّه في الدَنِّ غير متساوي السطوح عادةً، بمعنى أ نّه يتشكّل أسفل وأعلا، من قبيل ما إذا أردت أن تصبّ ماءً من الإبريق، فإذا قلنا: إنّ تقوّيالسافل بالعالي ليس على مقتضى القاعدة، وإنّما هو حكم تعبّدي ثبت بلحاظ أخبار ماء الحمّام- كما هو مبنى السيّد الاستاذ دام ظلّه[1]– فلا يكون
[1] التنقيح 1: 279