الخمر في الدَنّ، أو كون الدنّ مستعملًا سابقاً ظرفاً للخمر وإن لم يكن الخمر موجوداً بالفعل، وسواء قلنا بأنّ مراد السائل بقوله: «هل يصلح أن يكون فيه خلّ؟» السؤال عن صلاحية الخلّ الموضوع في دَنّ الخمر كما هو الظاهر، أو السؤال عن صلاحية وضعه في دَنّ الخمر بما هو استعمال لظروف الخمر- على أيّ حالٍ- نستفيد من تعليق نفي البأس على الغسل أ نّه مع عدم الغسل وإزالة النجاسة عن الدَنّ يكون هناك محذور، ومناسبات الحكم والموضوع المركوزة في الذهن المتشرّعيّ والعرفيّ تعيّن هذا المحذور في سراية النجاسة من الدَنّ إلى المائع مالم يغسل الدَنّ، وهذا دليل بإطلاقه على انفعال المائع بملاقاة المتنجّس الخالي من عين النجس.
ويتوقّف تتميم هذا الوجه على عدم الالتزام بسقوط هذه الرواية بالمعارضة مع الروايات الدالّة على طهارة الخمر، وإلّا فلا مجال للاستدلال بها؛ لأنّ مفادها- وهو الحكم بانفعال المضاف الموضوع في الدَنّ قبل غسله- لازم لمجموع أمرين: أحدهما نجاسة الخمر، والآخر انفعال المضاف بملاقاة المتنجّس.
وبعد فرض ابتلاء الرواية بالمعارض بلحاظ الأخبار الدالّة على طهارة الخمر فلا يمكن بقاء هذه الرواية على الحجّية في مفادها؛ لأنّه لازم لنجاسة الخمر، ولا يمكن الالتزام بحجّيتها في أحد ملزومي مفادها مع رفع اليد عن حجّيتها بالنسبة إلى مفادها؛ لكي يثبت بها انفعال المضاف بملاقاة المتنجّس دون نجاسة الخمر؛ لأنّ هذا تفكيك بين المدلول المطابقيّ والالتزاميّ في الحجّية.
الفرع الرابع: في انفعال المضاف الكثير بملاقاة المتنجّس:
ولو حصلنا على دليلٍ يدلّ على انفعال المضاف الكثير بملاقاة المتنجّس لكان بنفسه دليلًا على الانفعال في الفرع الثاني؛ لأنّ انفعال المضاف الكثير بالمتنجّس يستلزم انفعاله بعين النجس.