نفس أدلّة انفعال الماء القليل تكفي لإثبات انفعال المضاف، إذ لا يحتمل أنّ الماء بخروجه عن الإطلاق إلى الإضافة يصبح أكثر عصمةً. نعم، لو بني على عدم انفعال الماء المطلق القليل بملاقاة عين النجاسة لاحتجنا في إثبات انفعال المضاف بها إلى بحثٍ ودليلٍ مستقلّ، ويظهر حال ذلك من كلامنا في الفروع الآتية.
الفرع الثاني: في انفعال المضاف الكثير بملاقاة عين النجاسة:
ومرادنا بالماء المضاف الكثير: هو المضاف الذي لو كان مطلقاً لكان معتصماً بأن كان بالغاً حدّ الكرّية، أو كانت له مادة. وقد يشمل الكلام في هذا الفرع بعض المائعات التي ليست بماءٍ مضافٍ عرفاً، كالنفط الذي له مادة فإنّه مائع كثير بالمعنى الذي ذكرناه، فيقع الكلام في انفعاله بملاقاة عين النجاسة.
وقد استدلّ على الانفعال في المقام بوجوه:
الوجه الأوّل: ما أفاده السيّد الاستاذ من الاستدلال بأخبار السؤر[1]، وحاصل الاستدلال بها: أنّ هذه الأخبار فرض فيها سؤر النجاسة، كسؤر الكلب والخنزير وغيرهما، فحكم عليه بالنجاسة، وعنوان السؤر عنوان مطلق يشمل الماء المضاف الذي ساوره الحيوان، كما يشمل المطلق الذي يساوره، ويشمل القليل والكثير معاً، غاية الأمر خرج منه الماء المطلق الكثير بلحاظ أدلّة اعتصامه، وغيره يبقى تحت إطلاقات السؤر، فيحكم بانفعال المضاف بالملاقاة لعين النجاسة ولو كان كثيراً.
والتحقيق: أنّ الاستدلال بأخبار السؤر على انفعال المضاف بعين النجاسة- ولو كان كثيراً- لا يخلو عن إشكال؛ لأنّ بعض أخبار السؤر مخصوصة
[1] التنقيح 1: 51