الجيش، بالرغم من النصّ النبوي الصريح على ذلك، حتّى خرج الرسول صلى الله عليه و آله وهو مريض، فخطب الناس وقال: «يا أ يّها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأمير اسامة، ولئن طعنتم في تأميري اسامة لقد طعنتم في تأمير أبيه من قبل، وأيم اللَّه إنّه كان لخليقاً بالإمارة، وإنّ ابنه من بعده لخليق بها»[1].

وهذان الاتّجاهان اللذان بدأ الصراع بينهما في حياة النبي صلى الله عليه و آله قد انعكسا على موقف المسلمين من اطروحة زعامة الإمام للدعوة بعد النبي صلى الله عليه و آله.

فالممثّلون للاتّجاه التعبّدي وجدوا في النصّ النبوي على هذه الاطروحة سبباً ملزماً لقبولها دون توقّف أو تعديل، وأمّا الاتّجاه الثاني فقد رأى أ نّه بإمكانه أن يتحرّر من الصيغة المطروحة من قِبل النبي صلى الله عليه و آله إذا أدّى اجتهاده إلى صيغة اخرى أكثر انسجاماً- في تصوّره- مع الظروف.

وهكذا نرى أنّ الشيعة ولِدوا منذ وفاة الرسول صلى الله عليه و آله مباشرة، متمثّلين في المسلمين الذين خضعوا عمليّاً لُاطروحة زعامة الإمام عليّ عليه السلام وقيادته التي فرض النبي الابتداء بتنفيذها من حين وفاته مباشرة.

وقد تجسّد الاتّجاه الشيعي منذ اللحظة الاولى في إنكار ما اتّجهت إليه السقيفة من تجميد لُاطروحة زعامة الإمام عليّ عليه السلام وإسناد السلطة إلى غيره.

ذكر الطبرسي في الاحتجاج عن أبان بن تغلب، قال: «قلت لجعفر بن محمّد الصادق عليه السلام: جعلت فداك هل كان أحد في أصحاب رسول اللَّه أنكر على أبي بكر فعله؟ قال: نعم كان الذي أنكر عليه اثنا عشر رجلًا، من المهاجرين:

 

[1] راجع الطبقات الكبرى 2: 249- 250