وليس ما تواتر عن النبي صلى الله عليه و آله من النصوص التي تدلّ على أ نّه كان يمارس إعداداً رسالياً وتثقيفاً عقائديّاً خاصّاً لبعض الدعاة على مستوى يهيِّئه للمرجعيّة الفكريّة والسياسيّة، وأنه صلى الله عليه و آله قد عهد إليه بمستقبل الدعوة وزعامة الامّة من بعده فكريّاً وسياسيّاً، ليس هذا إلّاتعبيراً عن سلوك القائد الرسول صلى الله عليه و آله للطريق الثالث الذي كانت تفرضه وتدلّ عليه قبل ذلك طبيعة الأشياء كما عرفنا.
ولم يكن هذا الشخص الداعي المرشّح للإعداد الرسالي والقيادي والمنصوب لتسلّم مستقبل الدعوة وتزعّمها فكريّاً وسياسيّاً إلّاعليّ بن أبي طالب عليه السلام الذي رشّحه لذلك عمق وجوده في كيان الدعوة، وأ نّه المسلم الأوّل والمجاهد الأوّل في سبيلها عبر كفاحها المرير ضدّ كلّ أعدائها، وعمق وجوده في حياة القائد الرسول صلى الله عليه و آله، وأ نّه ربيبه الذي فتح عينيه في حجره ونشأ في كنفه وتهيّأت له من فرص التفاعل معه والاندماج بخطّه ما لم يتوفّر لأيّ إنسانٍ آخر.
والشواهد من حياة النبي صلى الله عليه و آله والإمام عليه السلام على أنّ النبي صلى الله عليه و آله كان يعدّ الإمام عليه السلام إعداداً رساليّاً خاصّاً كثيرة جدّاً، فقد كان النبي صلى الله عليه و آله يخصّه بكثير من مفاهيم الدعوة وحقائقها، ويبدؤه بالعطاء الفكري والتثقيف، إذا استنفد الإمام أسئلته[1]. ويختلي به الساعات الطوال في الليل والنهار، يفتح عينيه على
[1] السنن الكبرى( النسائي) 5: 142، الحديث 8504 و 8505 و 8506. الصواعق المحرقة: 189، الحديث 11