فهرست

27

الجيل تطبيقاً واقعيّاً لهذا النظام أو مفهوماً محدّداً عنه؟!!
كما أ نّنا لا يمكن أن نتصوّر من ناحية اخرى أنّ الرسول القائد صلى الله عليه و آله وضع هذا النظام وحدَّده تشريعياً ومفهوميّاً ثمّ لا يقوم بتوعية المسلمين عليه وتثقيفهم به.
وهكذا يبرهن ما تقدّم على أنّ النبي صلى الله عليه و آله لم يكن قد طرح الشورى كنظام بديل على الامّة؛ إذ ليس من الممكن عادة أن تطرح بالدرجة التي تتناسب مع أهمّيتها، ثمّ تختفي اختفاءاً كاملًا عن الجميع وعن كلّ الاتجاهات.
وممّا يوضّح هذه الحقيقة بدرجة أكبر أن نلاحظ:
أوّلًا: أنّ نظام الشورى كان نظاماً جديداً بطبيعته على تلك البيئة التي لم تكن قد مارست قبل النبوة أيّ نظام مكتمل للحكم، فكان لابدّ من توعية مكثّفة ومركّزة عليه، كما أوضحنا ذلك.
ثانياً: أنّ الشورى كفكرة مفهوم غائم لا يكفي طرحه هكذا لإمكان وضعه موضع التنفيذ، ما لم تشرح تفاصيله وموازينه ومقاييس التفضيل عند اختلاف الشورى، وهل تقوم هذه المقاييس على أساس العدد والكمّ، أو على أساس الكيف والخبرة؟ إلى غير ذلك مما يحدِّد للفكرة معالمها ويجعلها صالحة للتطبيق فور وفاة النبي صلى الله عليه و آله.
ثالثاً: أنّ الشورى تعبِّر في الحقيقة عن ممارسة للُامّة بشكل وآخر للسلطة عن طريق التشاور وتقرير مصير الحكم، فهي مسؤولية تتعلّق بعدد كبير من الناس هم كلّ الذين تشملهم الشورى، وهذا يعني أ نّها لو كانت حكماً شرعيّاً يجب وضعه موضع التنفيذ عقيب وفاة النبي صلى الله عليه و آله لكان لابدّ من طرحه على أكبر عدد من اولئك الناس؛ لأنّ موقفهم من الشورى إيجابي، وكلّ منهم يتحمّل قسطاً من المسؤولية.