وإنّما كانت تعيش في الغالب وضع زعامات قبلية وعشائرية تتحكّم فيها القوة والثروة وعامل الوراثة إلى حدّ كبير.
ونستطيع بسهولة أن ندرك أنّ النبي صلى الله عليه و آله لم يمارس عمليّة التوعية على نظام الشورى وتفاصيله التشريعية أو مفاهيمه الفكريّة؛ لأنّ هذه العمليّة لو كانت قد انجزت لكان من الطبيعي أن تنعكس وتتجسّد في الأحاديث المأثورة عن النبي صلى الله عليه و آله أو في ذهنية الامّة، أو على أقلّ تقدير في ذهنية الجيل الطليعي منها الذي يضمّ المهاجرين والأنصار بوصفه هو المكلّف بتطبيق نظام الشورى، مع أنّنا لا نجد في الأحاديث المأثورة عن النبي صلى الله عليه و آله أيّ صورة تشريعية محدّدة لنظام الشورى.
وأمّا ذهنية الامّة أو ذهنية الجيل الطليعي منها، فلا نجد فيها أيّ ملامح أو انعكاسات محدّدة لتوعية من ذاك القبيل؛ فإنّ هذا الجيل كان يحتوي على اتجاهين:
أحدهما: الاتّجاه الذي يتزعّمه أهل البيت.
والآخر: الاتّجاه الذي تمثّله السقيفة والخلافة التي قامت فعلًا بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله.
أمّا الاتّجاه الأوّل: فمن الواضح أ نّه كان يؤمن بالوصاية والإمامة، ويؤكّد على القرابة، ولم ينعكس منه الإيمان بفكرة الشورى.
وأمّا الاتّجاه الثاني: فكلّ الأرقام والشواهد في حياته وتطبيقه العملي تدلّ بصورة لا تقبل الشكّ على أ نّه لم يكن يؤمن بالشورى ولم يبن ممارساته الفعلية على أساسها، والشيء نفسه نجده في سائر قطاعات ذلك الجيل الذي عاصر وفاة الرسول الأعظم من المسلمين.