الذي يمارسه في امّة حديثة عهد بالجاهلية على حدّ تعبيرأبي‏بكر.

الأمر الثاني: الذي يمكن أن يفسّر سلبيّة القائد تجاه مستقبل الدعوة ومصيرها بعد وفاته أ نّه بالرغم من شعوره بخطر هذه السلبيّة لا يحاول تحصين الدعوة ضدّ ذلك الخطر؛ لأنّه ينظر إلى الدعوة نظرة مصلحيّة، فلا يهمّه إلّاأن يحافظ عليها ما دام حياً ليستفيد منها ويستمتع بمكاسبها، ولا يعنى بحماية مستقبلها بعد وفاته.

وهذا التفسير لا يمكن أن يصدق على النبي صلى الله عليه و آله، حتّى إذا لم نلاحظه‏بوصفه نبيّاً ومرتبطاً باللَّه سبحانه وتعالى في كلّ ما يرتبط بالرسالة، وافترضناه‏قائداً رساليّاً كقادة الرسالات الاخرى؛ لأنّ تاريخ القادة الرساليين لا يملك نظيراًللقائد الرسول في إخلاصه لدعوته وتفانيه فيها وتضحيته من أجلها إلى آخر لحظةمن حياته، وكلّ تاريخه يبرهن على ذلك. وقد كان صلى الله عليه و آله على فراش الموت وقدثقل مرضه وهو يحمل همّ معركة كان قد خطّط لها وجهّز جيش «اسامة» لخوضها، فكان يقول: جهّزوا جيش اسامة، أنفذوا جيش اسامة، أرسلوا بعث اسامة. ويكرّر ذلك ويغمى عليه بين الحين والحين‏[1].

 

[1] انظر الكامل في التاريخ( لابن الأثير) 2: 318، والطبقات الكبرى( بن سعد) 2: 249