في تقريب الاستدلال.
وأمّا الروايات السابقة فالاستدلال بها على تخصيص قاعدة الطهارة غير تامّ:
من ناحية: أنّ كلمة «الشَرِّيّة» المأخوذة في تلك الروايات ظاهرة في الحزازة المعنوية؛ لأنّها مقابلة للخير، على عكس النجاسة المقابلة للنظافة فإنّها ظاهرة في الحزازة المادّية، وهذا على الأقلّ يوجب إجمالًا في الروايات، وعدم ظهورها في الحكم بالنجاسة بالمعنى المصطلح.
ومن ناحيةٍ ثانية: أنّ من جملة المذكورات في بعض تلك الروايات ولد الزنا، ومن المعروف بين المسلمين طهارته، وهذه المعروفية والارتكاز بنفسه يمكن أن يكون بمثابة القرينة المتّصلة، على أنّ النظر في النهي ليس إلى النجاسة، بل إلى حزازةٍ معنوية، فيوجب الإجمال على أقلّ تقدير.
ومن ناحيةٍ ثالثة: أنّ الأدّلة التي دلّت على طهارة أهل الكتاب بنفسها تشكّل قرينةً منفصلةً على أنّ النهي في هذه الروايات تنزيهي.
ومن ناحيةٍ رابعة: أ نّه إن بني على نجاسة العناوين المذكورة في الروايات فيمكن دعوى الاطمئنان بنجاسة ما في الحفرة غالباً؛ لأنّ ماء الحفرة يتراكم بعضه على بعضٍ ويبقى مدداً طويلة، فلا تكون الروايات المذكورة معارضةً لقاعدة الطهارة، إلّابلحاظ فروضٍ نادرةٍ يمكن الالتزام فيها بتقديم القاعدة.
بل لو بني على أنّ المتنجّس ينجّس الماء القليل فيمكن أن يدّعى الجزم بنجاسة ماء الحفرة دائماً؛ لأنّ نفس الحفرة متنجّسة، وهي لا تطهر عادة، أو يجري استصحاب عدم تطهيرها فتكون منجّسةً لما يرد إليها من ماء.
الجهة الثانية: في الروايات المدّعى نفيها للنجاسة الظاهرية الآنفة الذكر، وهي عديدة: