منها: رواية محمّد بن مسلم، قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام جائياً من الحمّام وبينه وبين داره قذر، فقال: «لولا ما بيني وبين داري ما غسلت رجلي، ولا يجنب ماء الحمّام»[1].
ومنها: رواية زرارة، قال: «رأيت أبا جعفر عليه السلام يخرج من الحمّام فيمضي كما هو، لا يغسل رجليه حتّى يصلّي»[2].
والروايتان معاً معتبرتان سنداً. وأمّا من حيث الدلالة فمصبّ النظر فيهما إلى ماء الحمّام المبثوث في الممرّ، وإلى أ نّه ليس بنجس، وهذا غير ماء الغسالة المتجمّع في الحفرة الذي يدّعى إجراء أصالة النجاسة فيه، فلا يمكن الاستدلال في المقام بمثل هاتين الروايتين إلّامع الجزم بعدم الفرق، مع أنّ الفرق محتمل؛ لأنّ احتمال نجاسة الماء الواقع في الممرّ رهين باحتمال أن يكون هذا الماء قد انحدر من جسد إنسانٍ نجس، وأمّا النجاسة في ماء الحفرة فيكفي فيه أن يكون شيء منه قد انحدر من جسم إنسانٍ نجسٍ إليه، إذ بوقوعه فيها يتنجس تمام ماء الحفرة.
ومن الواضح أنّ احتمال أن يكون هذا الماء الموجود في الممرّ فعلًا نجساً أضعف من احتمال أن يكون واحد- على الأقلّ- من المياه التي تجمّعت في الحفرة نجساً. هذا إذا لم نقل بأنّ المتنجّس ينجّس الماء، وإلّا فالأمر كما ذكرناه سابقاً.
[1] وسائل الشيعة 1: 149، الباب 7 من أبواب الماء المطلق، الحديث 3. وما أثبته السيّد الشهيد إنّما هو من النسخة التي حقّقها الميرزا عبد الرحيم الربّاني( 1: 111)، والذي ورد في طبعة مؤسّسة آل البيت هو: ولا نحيت.
[2] وسائل الشيعة 1: 211، الباب 9 من أبواب الماء المضاف، الحديث 2.