وإنّما نتكلّم الآن- بعد الفراغ عن تماميتها- في إمكان إثبات النجاسة بها في مقابل قاعدة الطهارة.
وقد ذهب صاحب الحدائق قدس سره[1]– خلافاً للمشهور- إلى قصور روايات الاستبراء عن إثبات النجاسة الخبثية، واختصاصها بإثبات الناقضية، وهذا الاتّجاه بالإمكان تقريبه بأحد نحوين:
الأوّل: أن يقال بقصور المقتضي في دلالتها؛ لأنّ مفادها التعبّد بالنقض، ولا ملازمة بينه وبين التعبّد بالنجاسة في مرحلة الحكم الظاهري.
والثاني: أن يقال- بعد تسليم دلالتها بالإطلاق على التعبّد بالنجاسة أيضاً-: إنّ هذه الروايات معارضة لكلٍّ من دليل الاستصحاب وقاعدة الطهارة، غير أ نّها أخصّ من دليل الاستصحاب؛ لأنّها منافية له بتمام مدلولها. وأمّا مع القاعدة فالنسبة بينهما العموم من وجه؛ لأنّ القاعدة تثبت الطهارة، ولا تنفي النقض ظاهراً، وروايات الاستبراء تنفي الطهارة في البلل المشتبه، ولا تتعرّض لحال مشتبهٍ آخر.
وعليه: فإمّا أن يقدّم دليل القاعدة لكونه بالعموم، ودلالة الروايات على النجاسة بإطلاق التنزيل، وإمّا أن يتساقطا في مادة الاجتماع، ويرجع إلى اصولٍ مؤمِّنةٍ اخرى أدنى مرتبة.
أمّا الاتّجاه الأوّل فقد يجاب بعدّة وجوه:
أوّلها: ما ذكره السيّد الاستاذ- دام ظلّه- من: أنّ هذه الروايات دلّت على ناقضية البلل المشتبه للوضوء، وقد ثبت بالأدلّة القاطعة أنّ الناقض للوضوء من البلل منحصر بالبول، فتدلّ هذه الروايات على أنّ البلل المشتبه بول، فتثبت
[1] الحدائق الناضرة 2: 62.