ما لا يؤكل لحمه، خصوصاً إذا كان ممّا يليه من جانب الوبر، فإنّه سنخ محذورٍ غير متّجهٍ في اليد ونحوها. وهذا إن لم يصلح قرينةً على صرفه عن النجاسة فلا أقلّ من اقتضائه للإجمال.

ومما يمكن أن يستدلّ به أيضاً على نجاسة الثعلب وأمثاله من السباع- التي ترد الحياض الواقعة بين مكّة والمدينة عادةً- الروايات الواردة في تحديد الكرّ، كمعتبرة صفوان بن مهران الجمّال، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الحياض التي ما بين مكّة إلى المدينة تردها السباع، وتلغ فيها الكلاب، وتشرب منها الحمير، ويغتسل فيها الجنب، ويتوضّأ منها؟ قال: «وكم قدر الماء؟» قال: إلى نصف الساق وإلى الركبة، فقال: «توضّأ منه»[1]. ومثلها غيرها[2].

وتقريب الاستدلال: إمّا بلحاظ ظهور كلام السائل في ارتكاز نجاسة السباع في ذهنه، وظهور سكوت الإمام عليه السلام عن ذلك في إمضاء هذا الارتكاز.

وإمّا بلحاظ ظهور كلام الإمام في التفصيل بين القليل والكثير، الذي يعني الحكم بانفعال الماء بذلك إذا كان قليلًا.

وكلا اللحاظين قابل للمنع.

أمّا الأوّل فلعدم ظهور كلام السائل في أنّ المحذور من السباع نجاستها الذاتية، بل قد يكون المحذور تلوّث فمها بالدم والميتة، أو معرضيّته لذلك، وممّا يشهد به: عطف الحمير على السباع، مع أ نّه لا يحتمل فيها النجاسة الذاتية عادة.

وأمّا الثاني فلأنّ كلام الإمام عليه السلام يدلّ على التفصيل بين حالتي القلّة والكثرة في الانفعال وعدمه، ولكنّه ليس في مقام البيان من ناحية موجبات‏

 

[1] وسائل الشيعة 1: 162، الباب 9 من أبواب الماء المطلق، الحديث 12. وفي هامشه منه قدس سره:« والمدينة» بدل« إلى المدينة».

[2] المصدر السابق: 161، الحديث 10.