لا الأوامر الإرشادية التي مفادها اعتبار وضعيّ كالنجاسة، فإنّ مرتبة اللزوم من الحكم الوضعيّ مدلول للدليل اللفظي.
هذا كلّه، مضافاً إلى سقوط الرواية سنداً، وإمكان استظهار طهارة الثعلب ممّا ورد في جواز لبس جلده بالخصوص في غير حال الصلاة بإطلاقه المقاميّ.
ويمكن أن يستدلّ لنجاسة الثعلب بما ورد في أبواب لباس المصلّي، من النهي عن الصلاة في جلده، وفي الثوب الذي يليه، فإنّ النهي عن هذا الثوب ليس بلحاظ المانعية، بل بلحاظ النجاسة، كمعتبرة أبي عليّ بن راشد- في حديثٍ- قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: الثعالب يصلّى فيها؟ قال: «لا، ولكن تلبس بعد الصلاة». قلت: اصلّي في الثوب الذي يليه؟ قال: «لا»[1].
ومعتبرة عليّ بن مهزيار، عن رجلٍ سأل الرضا عليه السلام عن الصلاة في جلود الثعالب؟ فنهى عن الصلاة فيها وفي الثوب الذي يليه، فلم أدرِ أيّ الثوبين: الذي يلصق بالوبر، أو الذي يلصق بالجلد؟ فوقَّع عليه السلام بخطِّه: «الثوب الذي يلصق بالجلد». قال: وذكر أبو الحسن- يعني عليّ بن مهزيار- أ نّه سأله عن هذه المسألة؟ فقال: «لا تصلِّ في الذي فوقه، ولا في الذي تحته»[2].
والظاهر عدم تماميّة الدلالة في ذلك على النجاسة، إذ لو كان النظر إلى النجاسة لكان الأنسب التنبيه أيضاً على سراية النجاسة إلى البدن، حيث يتعرّض مع طول الزمان إلى الملاقاة مع جلود الثعالب الملبوسة، فلم تعرف مزية للثوب الذي يليه على البدن من ناحية هذا المحذور، خصوصاً مع رطوبة اليد بين حينٍ وآخر، ووقوعها على الملابس عادة.
وهذا بخلاف ما إذا كان النظر إلى ما يكتسبه الثوب الذي يليه من أجزاء
[1] وسائل الشيعة 4: 356، الباب 7 من أبواب لباس المصلّي، الحديث 4.
[2] المصدر السابق: 357، الحديث 8.