على موضوعها الكلّيّ وبقائها عليه. فيقال: إنّ البالغ العاقل يحرم عليه تنجيس المسجد في حالة ما قبل الخراب، والأصل بقاء هذه الحرمة إلى مابعد الخراب، وهذا البقاء وإن لم يكن بقاءً حقيقياً، بل مردّه إلى سعة دائرة المجعول العَرضيّ واتّساع الجعل غير أ نّه بقاء عنائيّ بذاك النظر الذي لوحظ فيه المجعول بما هو فانٍ في الخارج، على ما حقّقناه في تصوير جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية[1].
وأمّا إذا لم يبنَ على ذلك وقيل بإجراء الاستصحاب في نفس الحرمة الفعلية الثابتة في حقّ المكلّف، بنحوٍ يكون المكلّف هو المجري للاستصحاب اتّجه الإشكال المذكور، وأمكن التخلّص عنه حينئذٍ بإجراء الاستصحاب التعليقيّ، بأن يقول: إنّ هذا كان حراماً على تقدير بلوغي، فأستصحب حرمته على تقدير البلوغ إلى ما بعد وقوع الحادثة الموجبة للشكّ، بناءً على جريان الاستصحاب التعليقيّ وعدم معارضته بالاستصحاب التنجيزيّ.
نعم، قد يشكل استصحاب حرمة التنجيس ووجوب التطهير في المقام بعدم إحراز بقاء الموضوع، إذ بعد أن كان عمدة الدليل على الحكم المذكور هو الإجماع وغيره من الروايات لا يتحصّل منه ما يزيد على مفاد الإجماع، فمن المحتمل أن يكون الحكم ثابتاً بوصفه احتراماً شرعياً للمسجد، فالتطهير ليس بعنوانه واجباً، بل بما هو احترام شرعيّ لعنوان المسجد، وحيث إنّ العنوان العرفيّ للمسجد زائل جزماً وإن بقي العنوان الوقفيّ له فلا يمكن إجراء الاستصحاب؛ لاحتمال عدم بقاء الموضوع.
وإن شئت قلت: إنّ التطهير لو كان واجباً بعنوانه لكان موضوعه نفس
[1] راجع بحوث في علم الاصول 6: 127- 150.