الحائط والجدار، لا العنوان، وذاك محفوظ وإن زال العنوان، فيشار إليه ويقال:
هذا كان يجب تطهيره، والآن كما كان بالاستصحاب.
ولكن إذا كان التطهير واجباً بوصفه احتراماً شرعياً للعنوان، واحتمل كون هذا العنوان هو العنوان العرفيّ للمسجد فلا يفيد استصحاب بقاء وجوب ذلك الاحترام للعنوان الذي كان يجب احترامه؛ لعدم إحراز بقاء ذلك العنوان وانطباقه على الخربة فعلًا.
يبقى في المقام شيء ذكر هنا استطراداً، وهو جعل المسجد مكاناً للزرع، ولا إشكال في عدم جوازه مع منافاته للجهة المعدّ لها المسجد. وأمّا مع عدم المنافاة بأن كان المسجد معطّلًا بطبعه ومهجوراً لاضمحلال القرية التي حوله- مثلًا- فقد يقال بالجواز، ويفرَّق بين المسجد وغيره من الأوقاف، باعتبار أنّ المسجد ليس مملوكاً لأحدٍ أو لجهةٍ ليشمله حرمة التصرّف في ملك الغير.
ولهذا يقال أيضاً بعدم جواز إجارته لذلك؛ لأنّ الإجارة إنّما تكون من مالك المنافع، والمسجد ليس مملوكاً لأحدٍ فلا تصحّ إجارته.
ويرد عليه: أنّ صحّة الإجارة لا ينحصر ملاكها بملكية المنافع؛ لوضوح أنّ الحرّ يجوز له أن يملك منافعه بالإجارة، مع أ نّها ليست مملوكةً له بالملكية الاعتبارية، وإنّما هي مضافة إليه تكويناً وعقلائياً بكونها منافع له وتحت سلطانه، وعلى هذا الأساس فإذا فرض للمسجد- بما هو مكان- شخصية معنوية بالارتكاز العقلائيّ، وصحّحت بذلك ملكيته للحيطان والبناء أمكن أن يقال: إنّ إضافة المنافع له على حدِّ إضافة منافع الحرّ له فتكون تحت سلطانه، وهذا السلطان يمارسه وليّ المسجد الخاصّ أو العامّ في حدود عدم المنافاة مع الجهة المعدِّ لها المسجد، ومع حيثية المسجدية وما تقتضيه من احترام.