ومنها: معتبرة زرارة التي جاء فيها: «تغسل ولا تعيد الصلاة»، قلت:

لم ذلك؟ قال: «لأنّك كنت على يقينٍ من طهارتك ثمّ شككت، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ أبداً»[1].

فإنّ قوله: «لأنّك كنت على يقينٍ من طهارتك»- تعليلًا لصحة الصلاة- ظاهرٌ في إناطة الصحة بالطهارة بعنوانها، وهو معنى الشرطية، ولعلّ هذا أوضح مايستدلّ به على الشرطية.

وعلى الرغم من وجود دلالاتٍ من هذا القبيل على الشرطية أو المانعية يشكل التعويل عليها؛ لشدّة التصاق عدم النجاسة بالطهارة، وكون إبراز كلِّ واحدٍ منها في مقام التعبير عن الشرطية أو المانعية أمراً عرفياً.

وإذا لم تتمّ في الروايات دلالة على أحد الوجهين تعيّن الرجوع إلى الاصول العملية، فيقال: يوجد علم إجماليّ بالشرطية أو المانعية، فإن كان لأحدهما أثر زائد على الآخر- بخلاف العكس- أمكن إجراء البراءة عن موضع الأثر الزائد، ولا يعارض بالبراءة عن الطرف الآخر للعلم الإجمالي، إذ لا أثر زائد له، والأثر المشترك معلوم وجداناً، وهذا ما سيتّضح عند بيان الثمرة.

المقام الثالث: في الثمرة بين الشرطية والمانعية مع وضوح وجود أثرٍ مشترك، وهو بطلان الصلاة في النجاسة. فقد يقال: بأنّ للشرطية كلفة زائدة تظهر في حالتين:

إحداهما: ما إذا شكّ في النجاسة الذاتية لشي‏ءٍ من أول الأمر، بناءًعلى عدم جريان قاعدة الطهارة في أمثال ذلك- كما تقدّم مراراً- فإنّه بناءً على شرطية الطهارة يتعذّر إحراز الشرط، وبناءً على مانعية النجاسة يمكن استصحاب عدمها

 

[1] وسائل الشيعة 3: 466، الباب 37 من أبواب النجاسات، الحديث 1.