المخصوصة عن الشمول للوجود الثاني للسبب، لا لاستحالة اجتماع جنابتين عقلًا، ولا لاستلزامه تعدّد الغسل بتعدّد موجب الجنابة؛ نظراً إلى‏ أنّ الجنابة استُفيدت من لسان الأمر بالغسل، فما لم يتعدّد الأمر بالغسل لا تكثر الجنابة، ومع تعدّده يجب غسلان، ولا للزوم لَغْوية جعل الجنابة الثانية بعد وضوح عدم وجوب غسلٍ آخر.
إذ يرد على الأوّل: أنّ الجنابة اعتبار، ولا محذور في اعتبار وجوده مرّتين.
وعلى الثاني: بأنّ الأمر بالغسل إرشاد إلى حصول الجنابة، وأنّ المطهّر هو الغسل، وفي الأوامر الإرشادية القاعدة تقتضي التداخل، لا عدمه.
وعلى الثالث: بإمكان دعوى اندفاع اللغوية فيما إذا كان للجنابة الثانية أثر زائد، كما فيمن أجنب من حرامٍ بعد الجنابة من حلال.
بل لقصور الدليل: إمّا لعدم الإطلاق في نفسه، وإمّا لتحكيم المرتكز العقلائيّ القاضي بعدم التكرّر بعد أن عرفت أنّ الجنابة اعتبار عقلائي، وتفصيل الكلام يأتي في محلّه.
نعم، قد يقال: إنّ دليل نجاسة عرق الجنب من حرامٍ لا يشمل بإطلاقه اللفظيّ من زَنى‏ بعد أن أجنب من حلال، ولكنّه يتعدّى من مورده إليه بالفحوى العرفية؛ لأنّ العرف يأبى‏- بمناسباته المركوزة- عن التفرقة بين هذا الزاني ومَن زنى قبل أن يجنب من حلال، لأنّ سبق الجنابة من حلالٍ لا يتعقّل عرفاً تأثيره في تخفيف أثر الزنا المتأخّر، ولكن يرجع تحكيم هذا الارتكاز- لو سلّم- إلى حمل الجنابة على المعرِّفية، وأمّا مع التسليم بالموضوعية فواضح أنّ التفرقة بسبب عدم حصول الجنابة بالزنا المتأخّر، لا بسبب سبق جنابةٍ على جنابة.