لإثبات أحكامها لها؛ لأنّ احتمال اختصاص تلك الأحكام بمرتبةٍ معيّنةٍ من وجود تلك النجاسة موجود عقلًا وعرفاً.
الثالثة: بعد فرض عدم الإطلاق في دليل وجوب التعدّد والتعفير يلاحظ أ نّه هل يوجد إطلاق يقتضي كفاية الغسل مرّةً واحدةً، أوْ لا؟ سواء تمثّل هذا الإطلاق في إطلاقاتٍ فوقانيةٍ للأوامر بالغسل[1]، أو في إطلاقٍ في خصوص دليل تطهير المتنجّس بالمتنجّس، كما في معتبرة العيص المتقدّمة[2]، حيث قال:
«يغسل ذكره وفخذيه»، فإنّ مقتضى إطلاقه كفاية المرّة في الذكر والفخذ، والتقييد بالتعدّد في الأوّل لا يمنع عن التمسّك بالإطلاق بلحاظ الفخذ الذي هو متنجّس بالمتنجّس، وتتمّة الكلام في ذلك تأتي في بحث المطهّرات إن شاء اللَّه تعالى.
الرابعة: ملاحظة نفس دليل السراية؛ ليرى أ نّه هل له إطلاق أزمانيّ يقتضي في نفسه بقاء النجاسة بحيث يرجع إليه عند الشكّ في ارتفاعها بالغسلة الواحدة، أو لا؟ ولاشكّ في عدم الإطلاق المذكور إذا كان الدليل هو الإجماع، بل قد يقال بعدمه في الأدلّة اللفظية أيضاً إذا تمّت؛ لأنّ ارتكازية وجود المطهّر في الجملة تكون قرينةً على أنّ النظر في أدلّة السراية إلى بيان حدوث النجاسة على نحوٍ تحتاج إلى مطهِّر، وليس لها نظر إلى بقائهافي موارد الشكّ في المطهّرية.
[1] من قبيل معتبرة إبراهيم بن أبي محمود، قال: قلت للرضا عليه السلام: الطنفسة و الفراش يصيبهما البول كيف يصنع بهما وهو ثخين كثير الحشو؟ قال:« يغسل ما ظهر منه في وجهه». وسائل الشيعة 3: 400، الباب 5 من أبواب النجاسات، الحديث 1، ورواية محمّد ابن مسلم، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن الكلب يشرب من الإناء؟ قال:« اغسل الإناء …». المصدر السابق: 415، الباب 12 من الأبواب، الحديث 3.
[2] تقدّمت في الصفحة 251.