نجاستها: «معلوم حصول النجاسة فيه».
ومراده بالغسلة الثانية: ما لم يلاقِ عين النجس، وقد علّل طهارته بعدم الدليل على النجاسة، فلو كانت قاعدة تنجيس المتنجّس ثابتةً بنحوٍ كلّيٍّ لكانت هي الدليل.
وقال ابن إدريس في السرائر في باب غسل الأموات: «وكذلك إذا لاقى جسدَ الميّت من قبل غسله إناءٌ ثمّ افرغ في ذلك الإناء قبل غسله مائع فإنّه لا ينجس ذلك المائع وإن كان الإناء يجب غسله؛ لأنّه لاقى جسد الميّت، وليس كذلك المائع الذي حصل فيه؛ لأنّه لم يلاقِ جسد الميّت، وحمله على ذلك قياس وتجاوز في الأحكام بغير دليل، والأصل في الأشياء الطهارة إلى أن يقوم دليل قاطع للعذر، وإن كنّا متعبّدين بغسل ما لاقى جسد الميّت؛ لأنّ هذه نجاسات حكميّات، وليست عينيات … إلى آخره»[1].
وهذا الكلام واضح في أنّ النجس الحكميّ ليس منجّساً، وبيان ابن إدريس لذلك باللحن الذي صدر منه مع عدم الإشارة إلى أيّ خلافٍ في المسألة لا يلائم إطلاقاً كون تنجيس المتنجّس أمراً مركوزاً ومَعقداً للاتّفاق من سلفه من الفقهاء.
واذا لوحظ- إضافةً إلى ذلك- أنّ جملةً من الفقهاء المتقدِّمِين تعرّضوا في أحكام النجاسات لكيفية التنجيس وأنحائه، واقتصروا على بيان التنجيس الحاصل من ملاقاة عين النجس ولم يشيروا إلى ما سوى ذلك لم يعد بالإمكان دعوى الجزم بالإجماع من قبل فقهائنا المتقدِّمِين على تنجيس المتنجّس.
كيف، وأصل السراية الحكمية وتنجّس المتنجّس ليس محلّاً للإجماع فضلًا عن تنجيسه؟! حيث ذهب السيّد المرتضى إلى كفاية المسح والإزالة لعين
[1] السرائر 1: 163.