المتنجّس الأوّل فرداً جديداً من موضوعها متمثلًا في هذا الملاقي، فتشمله القضية نفسها، وهكذا …

وهذا التوهّم واضح البطلان؛ لأنّ الإشكال ليس ثبوتياً ليقال بإمكان تصويره بالقضية الحقيقية التي يكون لها تطبيقات طولية، وإنّما هو إثباتي، بمعنى‏ أنّ الروايات السابقة لا يستفاد منها كون طبيعيّ المتنجّس منجّساً، بل المتيقّن من مواردها كون المتنجّس بعين النجس منجّساً، وهذا المعنى يجعل من ملاقي المتنجّس المذكور متنجّساً، لا متنجّساً بعين النجس ليدخل في نطاق القدر المتيقّن.

ولا يبقى بعد ذلك إلّادعوى كون تنجيس طبيعيّ المتنجّس لِمَا يلاقيه مَعقداً لإجماعٍ قطعيٍّ تعبّدي، وهي مدفوعة بعدم ثبوت مثل هذا الإجماع في المتقدّمِين من علمائنا، بعد وضوح عدم تعرّض كثيرٍ من كلماتهم لتنجيس المتنجّس، وورود بعض الكلمات الدالّة ظهوراً أو صراحةً على ما ينافي كلّية تنجيس المتنجّس، من قبيل كلمات الشيخ الطوسيّ في الخلاف، وابن إدريس في السرائر.

فقد قال الشيخ في الخلاف في أحكام ماء الغسالة: «إذا أصاب الثوب نجاسة فغسل بالماء، فانفصل الماء عن المحلّ وأصاب الثوب أو البدن فإنّه: إن كانت من الغسلة الاولى فإنّه نجس ويجب غسل الموضع الذي أصابه، وإن كانت من الغسلة الثانية لا يجب غسله … دليلنا على القسم الأوّل: أ نّه ماء قليل معلوم حصول النجاسة فيه، فوجب أن يحكم بنجاسته …، والذي يدلّ على القسم الثاني أنّ الماء على أصل الطهارة، ونجاسته تحتاج إلى دليل …»[1].

ومراده بالغسلة الاولى: ما لاقى‏ عين النجاسة، بقرينة قوله في مقام تعليل‏

 

[1] الخلاف 1: 179، المسألة 135.