شير[1])، ولذلك يستنتج استقرائياً أن تكون الماشية كلّها في تلك المقاطعة. أو قد نحاجّ قائلين: لا إنسان حيّ الآن قد مات، ولذلك نستنتج استقرائياً: أنّ كلّ الناس الأحياء الآن خالدون.
ويقول (رسل): إنّ المغالطات في مثل هذه الاستقراءات بيّنة بصورة وافية، ولكن لو كان الاستقراء مبدأً منطقياً وحسب لما كانت هذه الاستقراءات مغالطات.
ونحن إذا درسنا هذه الأمثله التي يعتبر الاستقراء فيها فاشلًا، نجد أنّ فشله ناتج عن عدم توفّر المتطلّبات اللازمة للدليل الاستقرائي في مرحلته الاستنباطية.
ففي الحساب نلاحظ: أنّ الأعداد التي شملها الاستقراء يمكن أن نبرز فيها دائماً خاصيّة مفهوميّة تتميّز بها عن أعداد اخرى لم يشملها الاستقراء، فحينما نجعل (ن) مثلًا كبيرةً جدّاً، ونستقرئ كلّ عدد أصغر من (ن) فنجد أ نّه غير قابل للقسمة على (ن)، لا يمكننا أن نعمّم بذلك- استقرائياً- هذه الصفة على كلّ الأعداد الاخرى؛ لأنّ الأعداد جميعاً- وإن اتّصفت بخاصية مفهومية وهي العددية- غير أنّ الأعداد التي استوعبها الاستقراء تتميّز بخاصيّة مفهومية تختلف بها عن سائر الأعداد الاخرى، وهي: أ نّها أصغر من (ن)، وفي مثل هذه الحالة لا يمكن للاستقراء أن ينتج تعميم الصفة؛ لأنّ الاستقراء إنّما يؤدّي إلى تعميم الصفة على غير الأفراد التي شملها مباشرة إذا لم يلاحظ في تلك الأفراد خاصيّة مفهومية تميّزها عن غيرها من الأفراد، وإلّا فمن المعقول استقرائياً أن تكون الصفة المركّز عليها استقرائياً مرتبطة بتلك الخاصية فلا تمتدّ إلى سائر الأفراد، من قبيل ما إذا لاحظنا بالاستقراء صفة مشتركة في الزنوج، فإنّه ليس بالإمكان تعميم هذه الصفة على سائر أفراد الناس باعتبار الخاصية الإنسانية المشتركة؛ لأن
[1] (Herefordshire ): مقاطعة تاريخيّة في غرب بريطانيا( لجنة التحقيق)