أبي عبد اللَّه عليه السلام- في حديثٍ- قال: رأيته في المنازل التي في طريق مكّة يرشّ أحياناً موضع جبهته، يسجد عليه رطباً كما هو، وربّما لم يرشّ المكان الذي يرى أ نّه نظيف‏[1].

فإنّها كالصريحة في أنّ الحزازة المنظور إليها والداعية إلى الرشّ هي القذارة المادّية التي تقابل النظافة، لا القذارة المعنوية، وكذلك ما ورد من الروايات الآمرة بالرشّ والنضح عند الصلاة في مرابض البقر والغنم وأعطان الابل‏[2].

ويقرب منها الروايات الآمرة بالنضح عند إصابة الكلب للثوب إذا لم تجد أثره‏[3]، والروايات الآمرة برشّ ثوب المجوسيّ عند الصلاة فيه‏[4].

وأمّا أصل اختيار الاحتمال الأوّل فيبعده ارتكاز أنّ القذارة المعنوية إنّما تزول بزوال سببها- وهو كون المكان محلّاً للباطل- لا بالرش، فعدم كون الرشّ مناسباً للمطهّرية من القذارة المعنوية يبعّد الاحتمال الأوّل، بل يوجب- بمناسبات الحكم والموضوع- انسباق الذهن إلى كون الرشّ بملاك النجاسة العرضية التي يترقّب عادةً زوالها بالتطهير بالماء.

وإذا تمّ هذا الظهور- ولو بضمّ مناسبات الحكم والموضوع- كان بنفسه مقيِّداً لإطلاق الأمر بالرشّ بصورة ترقّب النجاسة واحتمالها، فلا يتمّ الاستشهاد بالإطلاق لتعيين الاحتمال الأوّل في مقابل الثالث. وبعد استظهار الاحتمال‏

 

[1] وسائل الشيعة 5: 154، الباب 22 من أبواب مكان المصلّي، الحديث 1.

[2] وسائل الشيعة 5: 145، الباب 17 من أبواب مكان المصلّي، الحديث 4.

[3] وسائل الشيعة 3: 460، الباب 33 من أبواب النجاسات، الحديث 2 و 3.

[4] وسائل الشيعة 3: 519، الباب 73 من أبواب النجاسات، الحديث 3.