الساقط من حيث طهارته ونجاسته، وأمّا إذا كان النظر إلى استعلام حال ماء البئر من حيث إنّه ينفعل أوْ لا ينفعل بعد الفراغ عن كون الساقط منجّساً لغير المعتصم، فلا يمكن التمسّك بالرواية حينئذٍ لإثبات نجاسة الفأرة؛ لأنّ الإمام عليه السلام يكون في مقام البيان من ناحية انفعال ماء البئر بعد الفراغ عن كون الساقط منجّساً، ولو من ناحية أ نّه يكون ميتة؛ لغلبة موت الفأرة في البئر إذا وقعت فيه.
وليس الكلام مسوقاً لحكم الفأرة ليتمسّك بالإطلاق من هذه الناحية لفرض عدم موتها. ولا نسلّم كلا الأمرين، فالاستدلال غير تامّ.
ومنها: رواية هارون بن حمزة الغنوي، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن الفأرة والعقرب، وأشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حيّاً، هل يشرب من ذلك الماء ويتوضّأ منه؟ قال: «يسكب منه ثلاث مرّات، وقليله وكثيره بمنزلةٍ واحدة …» الحديث[1].
وتقريب الاستدلال: أنّ ظاهر الرواية إناطة جواز الوضوء والشرب بسكب شيءٍ من الماء، ولا موجب لذلك إلّاانفعاله بتلك الأشياء، الكاشف عن نجاستها، ويكون السكب نحواً من التطهير، كالنزح من البئر على القول به.
ويرد عليه: أنّ السكب ليس إلّاتقليلًا من الماء، وتقليل النجس ليس صالحاً لمطهّريته بحسب الارتكاز العرفيّ، فهذا الارتكاز بنفسه يكون قرينةً على أنّ النظر إلى حزازةٍ نفسية، لا إلى الانفعال والنجاسة.
ولا يقاس بالنزح؛ لأنّه يوجب تجديد الماء باعتبار ما للبئر من مادة.
وممّا يؤيّد الحمل على الحزازة النفسية: التصريح بتعميم الحكم للقليل والكثير، مع وضوح أنّ الكثير لا يتنجّس، فلو حمل على النظر إلى النجاسة لزم
[1] وسائل الشيعة 1: 188، الباب 19 من أبواب الماء المطلق، الحديث 5.