المقام الأوّل: ويمكن أن يستدلّ فيه على نجاسة كلّ ما لا يؤكل لحمه من الحيوانات بمفهوم بعض الروايات الواردة في ما يؤكل لحمه، كمعتبرة عبد اللَّه بن سنان، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «لا بأس أن تتوضّأ ممّا شرب منه ما يؤكل لحمه»[1].
ومعتبرة عمّار بن موسى، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سئل عمّا تشرب منه الحمامة، فقال: «كلُّ ما اكِلَ لحمه فتوضّأ من سؤره واشرب … الحديث»[2].
وتقريب الاستدلال: أ نّها تدلّ بالمفهوم على النهي عن سؤر ما لا يؤكل لحمه، وهو ظاهر عرفاً في الإرشاد إلى النجاسة.
ويرد عليه أوّلًا: أنّ ظهوره في ذلك مردّه إلى انسباق ذهن العرف إلى كون الأمر بالغسل بنكتة النجاسة، فإنّ هذا الانسباق هو منشأ ظهور النهي في الإرشاد إلى النجاسة، وهذا الانسباق إنّما يتمّ في موردٍ لا يوجد فيه احتمال عرفيّ لنكتةٍ اخرى للنهي غير النجاسة، وهذا الاحتمال العرفيّ موجود في المقام بلحاظ أنّ السؤر ما يتقبّل العرف إمكان اكتسابه منقصةً أو شأناً بلحاظ صاحب السؤر، فاحتمال كون سؤر ما لا يؤكل لحمه بعنوانه مانعاً عن الوضوء والشرب من الماء أمر عرفيّ في أذهان المتشرّعة.
ويدلّ على ذلك: تتبّع أخبار السؤر، وملاحظة ما ورد من السؤال عن سؤر ما يؤكل لحمه، مع أنّ طهارة ما يؤكل لحمه من الحيوانات واضحة، وليست مورداً للسؤال[3]. ورواية عمّار المتقدّمة نفسها ورد فيها السؤال عن سؤر الحمامة، مع وضوح طهارتها متشرّعياً، وكلّ ذلك ينفي انحصار الجهة في الذهن المتشرّعي
[1] وسائل الشيعة 1: 231، الباب 5 من أبواب الأسآر، الحديث 1.
[2] وسائل الشيعة 1: 230، الباب 4 من أبواب الأسآر، الحديث 2.
[3] وسائل الشيعة 1: 231، الباب 5 من أبواب الأسآر.