وغاية مايمكن أن يقرَّب به الحكم في هذا الفرع وجوه ثلاثة:
الأوّل: ويتركّب من مقدّمتين:
إحداهما: استكشاف مبغوضية شرب الصبيّ للمسكر من دليل حرمة السقي في الفرع السابق، باعتبارها حرمةً طريقية، أي أ نّه حرّم السقي بملاك مبغوضية أن يشرب الصبيّ المسكر، لا أنّ هناك ملاكاً نفسياً في عنوان السقي كما لو قيل:
«لا تعطِ الصبيَّ الكتابَ»، فيثبت بدليل الفرع السابق مبغوضية شرب الصبيّ للمسكر، وإن لم يكن هنالك خطاب بالنسبة إليه.
الثانية: أ نّه إذا ثبت مبغوضية الفعل وجب عقلًا على المكلّفين الحيلولة دون وقوع ذلك المبغوض، ومن أنحاء ذلك ردع الطفل عن شرب المسكر.
وهذا الوجه تقدّمت المناقشة سابقاً في المقدّمة الثانية منه، حيث تقدّم[1] أنّ مبغوض المولى لا يجب الحيلولة دون وقوعه من جميع الجهات والأشخاص؛ لأنّ المبغوضية على درجاتٍ عديدة، وليست كلّها تستلزم الاهتمام بحيث يقتضي أمر الشارع بسدّ أبواب عدمه جميعاً.
الوجه الثاني: الاستدلال بفحوى معتبرة عمّار المتقدّمة في الفرع السابق أيضاً، التي دلّت على حرمة الجلوس على مائدةٍ يشرب عليها الخمر، حيث كانت شاملةً بإطلاقها لمائدة شرب الصبيّ المسكر، فاذا كانت مغادرة المائدة التي يشرب عليها الصبيّ المسكر واجبةً كان ردعه عنه أيضاً واجباً، ولو بضمّ عناية عرفية وإعمال فهم عقلائيّ، حاصله: أنّ مثل هذا الحكم يفهم من مناسباته أ نّه بملاك التأديب والتأنيب والمقاطعة والردع؛ لأنّ مغادرة المائدة والاجتناب عن الجلوس عليها يعتبر- بحسب العرف والعادة- اسلوباً من أساليب الردع، فيثبت
[1] في الجزء الثاني: 154.