الأوّل: روايات تحريم الاكتحال بالخمر، كرواية هارون بن حمزة الغنوي، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: في‏رجلٍ اشتكى عينيه فَنُعِتَ له بكحلٍ يعجن بالخمر، فقال:

«هو خبيث بمنزلة الميتة، فإن كان مضطرّاً فليكتحل به»[1].

فإنها تدلّ على أنّ الحرمة لا تختصّ بالشرب؛ لشمولها للاكتحال، ولكنّ الاكتحال لمّا لم يكن أجنبياً عن الشرب بالمرّة- لأنّه نحو استدخالٍ للمسكر إلى الباطن- فتحريمه لا يستلزم تحريم مطلق الانتفاع، حتّى تدهين الأخشاب به مثلًا؛ لأنّ احتمال الفرق موجود.

الثاني: ما دلّ على حرمة إنتاج المسكر وصنعه‏[2] فإنّه دالّ عرفاً على حرمة الانتفاع به، إذ لو كانت له منافع محلّلة لَما حرم صنعه بلحاظها.

الثالث: ما دلّ على الأمر بإراقة المسكر، وأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يأمر بإراقته‏[3]، فإنّه يدلّ على سقوطه عن قابلية الانتفاع من سائر الوجوه.

وكلا هذين الوجهين مخدوش فيهما؛ لأنّ الأمر بالإراقة أو النهي عن صنع الخمر إنّما يدل على سقوط الانتفاعات بالشي‏ء فيما إذا لم تكن هناك مفسدة معيّنة فيه تغري الناس على الإقدام عليها وممارستها، وأمّا في هذه الحالة فقد يكون الأمر بالإراقة وتحريم الصنع تحفّظاً من تلك المفسدة، وهي مفسدة الشرب في المقام.

الرابع: ما دلّ على تحريم تمام مراتب ومقدّمات إعداد الخمر واستعماله، كما في رواية جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «لعن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في الخمر

 

[1] وسائل الشيعة 25: 350، الباب 21 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 5.

[2] وسائل الشيعة 17: 224، الباب 55 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 3.

[3] المصدر السابق: 223، الحديث 1.