والصحيح أن يقال: إنّ هذا المطهِّر: تارةً يسبّب إلى نقصٍ اتّفاقي، واخرى يكون النقص ملازماً للتطهير حتّى لو مارسه المالك نفسه.
ففي الحالة الاولى يضمن هذا النقص الاتّفاقي، وفي الحالة الثانية لا يضمنه؛ لأنّه سنخ نقصٍ يجب على المالك إيجاده في ماله لو لم يفعله غيره، وكلّ نقصٍ أو إتلافٍ من هذا القبيل لا إطلاق في دليل قاعدة الضمان بالإتلاف عقلائياً وروائياً له.
وأمّا إذا تعذّر الاستئذان وتحصيل الإذن: فتارةً يفرض عدم ترتّب الهتك والمهانة على ترك التطهير، واخرى يفرض ترتّب ذلك على الترك.
فعلى الأوّل يقع التنافي بين دليل وجوب التطهير ودليل حرمة التصرّف في مال الغير، وقد قيل: إنّ هذا التنافي يدخل في باب التزاحم، ويقدّم الحكم بحرمة التصرّف في مال الغير لاحتمال أهمّيته.
ولكن إذا فرض أنّ متعلّق الوجوب نفس التطهير بما هو فعل المكلّف لا الأثر الحاصل منه فالمقام يدخل في باب التعارض، لدخوله في مسألة اجتماع الأمر والنهي؛ لأنّ التطهير والتصرّف في مال الغير ينطبقان على شيءٍ واحد، فلابدّ من تطبيق قواعد باب التعارض.
ألّلهمّ إلّاأن يدّعى كون ملاك كلٍّ من الحكمين محرزاً في مادة الاجتماع فيدخل في التزاحم الملاكيّ، وفي التزاحم الملاكيّ يقدّم معلوم الأهمّية، ولا يكفي احتمال الأهمّية للتقديم، كما حقّقناه في محلّه من الاصول[1].
هذا كلّه إذا سلّمنا بوجود إطلاقٍ في دليل وجوب التطهير على فرض وجوده. وأمّا إذا لم نسلِّم بإطلاقه- لأنّ مهمّ ما يفترض دليلًا عليه هو الارتكاز أو
[1] بحوث في علم الاصول 7: 152- 156.