المشهد ملكاً لشخصٍ في زمانٍ ثمّ يقفه مزاراً ملاحظاً وصف الطهارة، بينما جملة من المشاهد والقبور حصلت في أراضٍ مواتٍ احييت بنفس الدفن، كما هو المتعارف في حالات الدفن في أرض الموات، وتكون الأرض محياةً للدفن، وبذلك تصبح ملكاً للميّت بما هو ميّت لا للمحيي، ولا تنتقل إلى ورثة المحيي بعد وفاته، فأين الدليل على وجود واقفٍ ليجب التقيّد بنظره الوقفيّ؟!
وثالثاً: أ نّا لو سلّمنا الوقف المذكور فمجرّد كون الطهارة وصفاً مرغوباً فيه للمتشرّعة لا يكفي دليلًا على ملاحظة الواقف له عنواناً لوقفه، بحيث إنّه كما يقف العرصة بما هي دار فيجب الحفاظ على عنوان الدار فيها كذلك يقف المشهد بما هو طاهر، فإنّ الرغبة في الوصف شيء وأخذه قيداً مقوّماً للوقف شيء آخر، خصوصاً مع الجهل بحال الواقف وأعرافه.
الثاني: أنّ المشاهد المشرّفة مضافة إلى الأئمّة تكويناً باعتبارها قبوراً لهم وهم مضافون إلى اللَّه تعالى، وبذلك ينطبق عليها عنوان شعائر اللَّه بلا حاجةٍ إلى جعلٍ خاصّ، كما هو الحال في ما ليس له تلك الإضافة التكوينية، كالصفا والمروة، وشعائر اللَّه يجب تعظيمها، ومن تعظيمها الحفاظ على طهارتها.
وفيه: أنّ المدَّعى إن كان وجوب تمام مراتب التعظيم فالكبرى غير ثابتة، بل بعض المراتب يعلم بعدم وجوبها.
وإن كان المدَّعى وجوب بعض المراتب فهو صحيح، إلّاأنّ إثبات كون التطهير والحفاظ على الطهارة من المراتب الواجبة يحتاج إلى دليل.
الثالث: وهو مركّب من مقدمتين:
إحداهما: أنّ المستفاد من أدلّة حرمة التنجيس ووجوب التطهير في المساجد أنّ هذا الحكم لأجل احترام المسجد ومكانته عند اللَّه تعالى، لا لمجرّد كونه معدّاً للصلاة.