فإن اريد بعدم الضمان عدم ضمان ما يزيد على ذلك فهو صحيح؛ لما تقدّم من أنّ المنجِّس في الصورتين الرابعة والخامسة لا يضمن أشدّ النقصين، بل أقلّهما.
وإن اريد أ نّه لا يضمن اجرة التطهير حتّى لو كانت متطابقةً مع مالية الوصف الفائت فهو غير صحيح، وإذا ثبت الضمان وجب الخروج عن عهدته.
وإن امتنع الضامن عن ذلك جاز إجباره. وإن قام شخص آخر بالصرف بإذنه أو بإذن وليّه مع امتناعه رجع عليه، وإلّا فلا موجب للرجوع.
ولكن يمكن أن يقال في مورد المسجد: إنّ المنجِّس يضمن سنخ الوصف لا قيمته؛ وذلك لأنّ هذا هو الأصل في الضمان، وإنّما يرفع اليد عنه في القيميّات باعتبار تعلّق الغرض النوعيّ العقلائي فيها بالمالية.
إلّاأنّ هذا إنّما يكون في غير مثل المسجد، الذي يكون الغرض النوعيّ في طهارة بنائه قائماً بشخص الوصف لا بماليته، وأمّا في مثل ذلك فالمضمون سنخ الوصف الفائت لا ماليته، فلو توقّف تسليم الوصف الفائت وإعادته على بذل اجرةٍ أكبر من المقدار المتعارف وجب ذلك؛ خروجاً عن عهدة الضمان.
والحاصل: أنّ وصف الطهارة في مثل المسجد مثليّ لا قيميّ، فلابدّ من تسليم المثل؛ وذلك بإعادة الطهارة ولو كلّف ذلك اجرةً كبيرة. كما لابدّ أن تكون إعادتها بنحوٍ لا يساوق نقصاً من ناحيةٍ اخرى في بناء المسجد، وإلّا كان النقص الآخر مضموناً أيضاً؛ لأنّ هذا هو مقتضى ضمان الشخص أن يعود المسجد كما كان.
وبهذا ظهر الفرق بين الضمان في حالة تنجيس مال الغير، والضمان في حالة تنجيس المسجد، فتدبّر جيّداً.
ثمّ إنّ هذا كلّه تصوير لضمان المنجِّس على نحوٍ يكون المضمون له هو