وهل يضمن من صار سبباً للتنجيس؟ وجهان، لا يخلو ثانيهما من قوّة (1).
————-
هذا فيما إذا لم يفرض هناك ضمان، ولوحظ الحكم بوجوب التطهير التكليفيّ فقط، وإلّا فالأمر يختلف كما يأتي.
***
(1) بل الأقرب هو الحكم بالضمان، ولتوضيح الحال نذكر حكم تنجيس مال الغير أوّلًا، ثمّ نطبّق ذلك على تنجيس المسجد.
فنقول: إنّ تنجيس مال الغير له صور:
الاولى: أن لا تكون الطهارة بالنسبة إلى ذلك المال دخيلةً في ماليّته، فلا ضمان، كما في تنجيس جذع النخلة مثلًا.
الثانية: أن تكون دخيلةً، ولكن إعادتها ليس فيها مؤونة ولا تسبّب نقصاً فلا ضمان أيضاً؛ لعدم دخل الوصف في المالية حينئذٍ.
الثالثة: أن تكون الطهارة دخيلةً في ماليّته، وإعادتها لا تؤدّي إلى نقصه، ولكن فيها مؤونة مالية، كالبارية يتوقّف تطهيرها على حملها إلى النهر مثلًا، وفي هذه الصورة يضمن المنجِّس، والضمان بمقدار اجرة التطهير لا أكثر؛ لأنّ المضمون قيمة الوصف الفائت. ولمّا كان الوصف الفائت ممكن الإعادة بتلك الاجرة فلا تزيد قيمته على ذلك، ولكن قد تقلّ- كما إذا كان دخل وصف الطهارة في الأغراض النوعية من ذلك المال يمثّل نسبةً ضئيلة، ولكنّ كلفة التطهير توقّفت صدفةً على حمله إلى مكانٍ بعيدٍ وبذل مالٍ كثير- فلا موجب للضمان إلّابمقدار نسبة النقص.
ولكن في هذه الحالة تكون المالية السوقية العقلائية لعملية التطهير أقلّ من‏