ناحيتها، كما إذا قيل بوجوب التعدّد في الغسل من البول مطلقاً وفرض ملاقاة البول بعد التنجّس بالدم، فقد يقال هنا بالحرمة حتّى مع نفيها في الصورة السابقة، واستناداً إلى أنّ المتنجّس يتنجّس ثانيةً إذا كان لذلك أثر زائد، فيشمله إطلاق دليل الحرمة، أو يجري الاستصحاب، ولكن عرفت الإشكال في الإطلاق والاستصحاب معاً.
نعم، لا يبعد أن يدّعى‏: أنّ دليل حرمة التنجيس وإن لم يثبت كون النجاسة ملحوظةً في موضوعه بنحو مطلق الوجود بلحاظ الأفراد المتماثلة ولكنّها لوحظت كذلك بالنسبة إلى مراتبها المتفاوتة، فكلّ مرتبةٍ إضافيةٍ موضوع مستقلّ للحرمة، ففي المقام حتّى لو لم نقل بتعدّد النجاسة بالملاقاة الثانية لا شكّ في اشتدادها من حيث المرتبة بسبب ذلك، وهذه المرتبة بنفسها فرد من موضوع دليل الحرمة ولو بمعونة الارتكاز والمناسبات العرفية في فهم الدليل.
ثمّ إنّ الشخص في مفروض هذه الصورة يسبّب لا محالة إلى زيادة مكث النجاسة فيما إذا اريد تطهير المسجد بالماء القليل، إذ تبقى النجاسة بعد الغسلة الاولى‏ بسبب ما وقع منه من التنجيس بالبول المستوجب للتعدّد بحسب الفرض، فإذا الغيت عرفاً خصوصية الحدوث والبقاء كان التسبيب إلى بقاء النجاسة محرّماً كالتسبيب إلى إحداثها. والتخلّص عن ذلك يكون بعدم الإصابة الثانية، أو بالتطهير بالمعتصم على نحوٍ لا يستوجب طول مكثٍ للنجاسة بوجه.
الخامسة: أن يتنجّس المسجد ثمّ يلقى عليه عين النجس بدون أن يلزم من ذلك اتّساع النجاسة، أو هتك المسجد، أو شدّتها، والحرمة في هذه الصورة موقوفة على أن نستفيد من أدلّة المسألة وجود محذورين محرّمين في المقام:
أحدهما التنجيس، والثاني التلويث بعين النجاسة. وما يمكن أن نثبت به كون الثاني محذوراً محرّماً في عرض المحذور الأوّل أحد أمرين: