وكذلك لو بني على اختصاص الوجوب الغيريّ بالحصّة الموصلة؛ لأنّ فرضها هو فرض الإزالة، فلا ينافي هذا الوجوب حرمة القطع الترتّبية، أي المقيّدة بنفسها، أو متعلّقة بفرض ترك الإزالة.
وبهذا يتّضح: أ نّه كلّما كان هناك تزاحم بين وجوب ذي المقدّمة وحرمة المقدّمة، وبني على تقديم الوجوب، وقيل بالوجوب الغيريّ لمطلق المقدّمة دخل المورد في باب التعارض؛ لأنّ المحذور حينئذٍ ليس بلحاظ عدم إمكان فعلية الخطابين معاً، بل لعدم إمكان جعل حرمة المقدّمة ولو على وجه الترتّب مع فرض إطلاق وجوب ذيها.
ثمّ إنّه إذا فرض في المقام، كون الدليل على كلٍّ من حرمة القطع ووجوب الإزالة مطلقاً في نفسه على نحوٍ دخل في باب التزاحم فالمتعيّن هو الالتزام بالترتّب من الجانبين؛ لعدم تعيّن أحدهما للتقديم؛ لأنّ احتمال الأهمّية في كلٍّ منهما موجود بنحوٍ مكافئ لاحتمالها في الآخر، فيثبت التخيير بعدم الاشتغال بالمزاحم المساوي أو الأهمّ. فإن لم يكن هناك تنافٍ بين المجعولين المشروطين بما هما مشروطان فلا تصادم بين الجعلين، ولا تعارض بين الدليلين، وإنّما التنافي بينهما في مرحلة فعلية المجعول.
وإن كان هناك تنافٍ بين المجعولين المشروطين- بما هما مشروطان- فلا محالة يقع التصادم بين الجعلين، والتعارض بين الدليلين، وهذا معنى ما حقّقناه في بحث التزاحم[1] من: أنّ أحد شروط خروج التزاحم عن باب التعارض القول بإمكان الترتّب، أي الملائمة بين الحكمين المشروط كلّ منهما بعدم الاشتغال بالمزاحم المساوي أو الأهمّ.
[1] بحوث في علم الاصول 7: 26- 27.