وإلّا لم يكفِ لإثبات حكمٍ شرعيٍّ عامّ.
وثالثاً: على إثبات أنّ كلمة «الطهارة» عند نزول الآية الكريمة كانت ظاهرةً في المعنى الشرعيّ، ولا يحتاج إلى إثبات هذا التطوّر للكلمة في عصر إبراهيم كما قيل؛ لأنّ الآية الكريمة لا تنقل الخطاب الموجّه لإبراهيم باللفظ، بل بالمعنى، فلو فرض أنّ الكلمة كانت ظاهرةً في المعنى الشرعيّ عند نزول الآية كفى ذلك في معرفة المعنى المقصود الذي خوطب به إبراهيم، وحمله على المعنى الشرعي.
والآية الاخرى: قوله تعالى: «… إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ …»[1].
وبقرينة التفريع يعرف أنّ كلَّ نجسٍ لا يقرب المسجد الحرام. غير أنّ الاستدلال بها يتوقّف:
أوّلًا: على إمكان التعدّي من المسجد الحرام إلى غيره، مع احتمال الفرق عرفاً؛ لاختصاص المسجد الحرام بأحكامٍ احتراميةٍ معيّنة، كحرمة استطراق الجنب مثلًا.
وثانياً: على أن يراد بالنجس النجاسة الشرعية للمشرك، لا قذارته المعنوية على ما تقدّم في بحث نجاسة الكافر[2]، ومع افتراض كلا هذين الأمرين فالآية لا تشمل التنجيس بالمتنجّس؛ لعدم كونه نجساً، ومن ناحية اخرى تشمل مطلق إدخال النجاسة ولو لم تكن منجّسة.
وعلى كلّ حالٍ فأحسن هذه الوجوه دلالةً على المقصود رواية عليّ بن جعفر الاولى، المدعمة بعدم الخلاف والارتكاز المتشرّعيّ العامّ.
[1] التوبة: 28.
[2] تقدّم في الجزء الثالث: 324 وما بعدها.